للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - وينبغي الإمساك عن الخوض في القدر، امتثالا لأمر رسول الله في قوله: «،،، وإذا ذكر القدر فأمسكوا» (١)، وروي أن النبي قال: «القدر سر الله، فلا تفشوا سر الله ﷿» (٢)، وقال النبي : «لا يزال أمر هذه الأمة مواتيا ما لم يتكلموا في الولدان والقدر» (٣)، وهذا من جملة ما لا يعني الناس فإذا تكلموا فيه لم يعد أمرهم مواتيا أي صالحا ملائما.

قال الحافظ في الفتح في شرحه كتاب القدر نقلا عن ابن السمعاني: «سبيل معرفة هذا الباب التوقيف من الكتاب والسنة، دون محض القياس والعقل، فمن عدل عن التوقيف فيه ضل وتاه في بحار الحيرة، ولم يبلغ شفاء العين، ولا ما يطمئن به القلب، لأن القدر سر من أسرار الله تعالى، اختص العليم الخبير به، وضرب دونه الأستار، وحجبه عن عقول الخلق ومعارفهم، لما علمه من الحكمة، فلم يعلمه نبي مرسل، ولا ملك مقرب»، انتهى.

وقال الطحاوي في عقيدته: «فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيما، وأحضر للنظر فيه قلبا سقيما، فقد التمس بوهمه في فحص الغيب سرا كتيما، وعاد بما قال فيه أفاكا أثيما»، انتهى، وقال النبي : «إن أخوف ما أتخوفه على أمتي آخر الزمان ثلاثا: إيمانا بالنجوم، وتكذيبا بالقدر، وحيف السلطان».

أما خير القدر وشره، وحلوه ومره، فقد قال بعض العلماء إن المراد بخير القدر الطاعات، وبشره المعاصي، وبحلوه لذة الطاعات وثوابها، وبمره مشقة المعصية وعقابها، وهذا حسن لو لم يخرج به ما ليس للإنسان فيه اختيار من البلاء والمحن، والعطايا والمنن، فإنها بلا ريب من القدر الذي يجب الإيمان به، وفيها الخير والشر، والحلو والمر.

قوله: «ومقادير الأمور بيده، ومصدرها عن قضائه»، المراد بمقادير الأمور ما تكون عليه من خصائص كالصلاح، والفساد، والصغر، والكبر، والطول، والقصر، والآجال، والأرزاق، وغير ذلك، فكل ذلك بيده، وصدورها بتلك التفاصيل إنما يكون على وفق


(١) وهو طرف من حديث رواه الطبراني عن ابن مسعود وهو في «الصحيحة» (٣٤).
(٢) رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر وضعفه العراقي.
(٣) رواه ابن حيان والحاكم عن ابن عباس كما في «الصحيحة» للألباني (٨٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>