للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١٥ - «ولا ينبغي لمن أكل الكراث أو الثوم أو البصل أن يدخل المسجد»

تواتر عن النبي نهي من أكل الثوم عن دخول المسجد، وقد روى مالك عن سعيد المسيب أن النبي قال: «من أكل من هذه الشجرة فلا يقرب مساجدنا يؤذينا بريح الثوم»، وروى الشيخان من حديث جابر أن رسول الله قال: «من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم»، لفظ مسلم، وفي رواية: «وليقعد في بيته»، والثوم بضم الثاء بقل معروف، والكراث بضم الكاف والراء المشددة بقلة شبيهة بالبصل، والتعليل بتأذي الملائكة لا يمنع أن تكون العلة تأذي بني آدم، وقد يستنبط منه أنه لا يأتي إلى المسجد ولو لم يكن فيه أحد لوجود الملائكة فيه، ولا يعترض عليه بوجود الملكين مع كل امرئ، لما للمسجد من الحرمة ولكثرتهم.

أكل ما ذكر مباح، لكن من أكله لا يدخل المسجد ما دامت الرائحة فيه، فإن احتال بأكلها كيلا يذهب فهو آثم، وإنما منع من دخول المسجد لما يلحق الناس من الأذى بسبب الرائحة، فإن أكل مطبوخا فلا حرج فيه، ولهذا المعنى كان أكل ما ذكر محرما على النبي لمناجاته الملك، وقد قال لبعض أصحابه «كل فإني أناجي من لا تناجي»، والعبرة هنا أن الثوم والبصل والكراث ونحوها حلال، ومع ذلك منع آكلها من دخول المسجد، فكيف بما كان محرما لضرره وخبث رائحته كالدخان، أليس هو أحرى أن لا يجوز لفاعله دخول المسجد، مع أنه يتكرر، فيقال له اختر بين الاستمرار على التدخين مع تركك الصلاة في المسجد، وبين الإقلاع عن هذا الداء الضار لك ولغيرك، وبعض أهل العلم قال بعدم دخول آكل الثوم ونحوه السوق واعتبره نقص مروءة، واعتمد في ذلك على قول النبي : «وليقعد في بيته»، والظاهر أن الأسواق لا حرمة لها، ولأن من بها يتمكن من الابتعاد عن الأذى بخلاف المساجد ومجالس العلم وصلاة العيد والجنازة والولائم، وألحق بعضهم بما ذكر من بفمه بخر أو فيه جرح منتن، واذكر في زمانك هذا الجوارب التي يفرط فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>