رواه مالك (١٣٤٨) وغيره، والقلاص جمع قلوص وهي الناقة الشابة، قال، وهو من مكارم الأخلاق:
إذا كنت ربا للقلوص فلا تدع … صديقك يمشي خلفها غبر راكب
أنخها فأردفه فإن حملتكما … فذاك وإن كان العقاب فعاقب
ولا فرق بين أن يكون العوض المقدم في السلف نقدا أو حيوانا، فإن الاختلاف الكبير بينهما لا يزول، سواء كانا حيوانين، أو أحدهما نقدا والآخر حيوانا، فأما معارضه وهو حديث سمرة أن النبي ﷺ نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة»، رواه أبو داود (٣٣٥٦) فإنه عام في البيع، مخصص بجواز ذاك في السلم، وبهذا الحمل يجمع بين فعل النبي ﷺ وقوله، ولأن قرض الحيوان مشروع بظواهر النصوص، وبفعل النبي ﷺ، ومعلوم أن المطلوب في القرض رد المثل ولا بد، بخلاف البيع فالأمر فيه أوسع لأنه مبني على الرغبة في الربح، والغبن الخفيف فيه جائز، وأصله المكايسة والمراوضة، فوقوع التفاوت فيه أهون من وقوعه في القرض، وعلى افتراض وجود التفاوت الكبير فإنه مغمور في المصلحة التي يترقبها المسلف من مده بما أسلف فيه في الزمن الذي يكون محتاجا إليه، والبيع كما تقدم يُترك الناس فيه يرزق الله بعضهم من بعض، قال ابن عبد البر في الاستذكار (٦/ ٤١٩): «وإذا تعارضت الآثار في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة سقطت، وكانت الحجة في عموم ظاهر القرآن، لأنها تجارة عن تراض»، انتهى.
واعلم أن مالكا ﵀ لا يرى جواز بيع الجنس بجنسه نسيئة إلا إذا اختلف بعضه عن بعض فبان اختلافه، وقد حمل ما ورد من منع بيع الحيوان بالحيوان نسيئة على هذا المعنى، وقال عنه ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود إنه أعدل الأقوال، وبه يجمع بين اختلاف المنقول عن علي وابن عمر ﵃ من الجواز وعدمه، وإنما اشترط مالك الاختلاف في المنافع في الحيوان لأنه حينئذ يخرج عن أن يتوهم فيه السلف أي القرض.
ولجواز السلم عند أهل المذهب شروط في رأس المال وهو العوض الذي يقدم، وأخرى في المسلم فيه، وهو الدين الذي يترتب في ذمة المسلف، والثالثة في أجل السلم،