للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٧٢ - «ولا يجوز شراء ثوب لا ينشر ولا يوصف أو في ليل مظلم لا يتأملانه ولا يعرفان ما فيه وكذلك الدابة في ليل مظلم».

إنما وقع التسامح في رؤية المبيع على البرنامج للاعتماد على الوصف المكتوب، أما ما ليس كذلك فلا يجوز، لأن من شرط المبيع أن يكون معلوما، والثوب إذا كان مطويا ولم يوصف وبيع كذلك فهو مجهول من عدة جهات، منها ذرعه وطوله وعرضه (أصل الثوب عند العرب أن لا يكون مخيطا)، فيدخل في بيع الملامسة المنهي عنه، أما لو بيع كذلك على الخيار فيجوز، وهذا راجع إلى المراد بالثوب عند العرب، وقد تقدم معناه في الجزء الثاني من هذا الكتاب، أما الثياب الآن فتباع وقد كتب عليها مقاساتها وغير ذلك مما يرفع الجهالة فلا يصدق عليها ما قاله أهل العلم من قبل، وعن أبي سعيد الخدري قال: «نهى رسول الله عن الملامسة والمنابذة في البيع، والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ولا يقلبه، والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر بثوبه، ويكون ذلك منهما من غير نظر ولا تراض»، رواه الشيخان، ورواه مالك (١٣٦٢) ومن طريقه البخاري عن أبي هريرة، وروى البخاري عن أنس قال: «نهى رسول الله عن المحاقلة والمخاضرة والمنابذة والملامسة»، وقال في المدونة: «الملامسة شراؤك الثوب لا تنشره ولا تعلم ما فيه، وتبتاعه ليلا أو لا تتأملانه، أو ثوبا مدرجا لا ينشر من جرابه، والمنابذة أن تبيع ثوبا من رجل فتنبذ إليه من غير تأمل منكما»، انتهى، ونحوه في الموطإ، وهذا كله ما لم يكن في وعاء معه وثيقة تبين أوصافه كما تقدم في البيع على البرنامج، وقوله أو في ليل مظلم لأن الثوب وإن نشر وفتح فلا فائدة في ذلك لأنه كالعدم، والدابة في الليل المظلم مثل الثوب لا ينشر، وفرق أشهب بين أن يكون الغرض من الشراء الذبح للحم فيكفي فيه الجس باليد، أما شراء الأعمى لما يعلمه على الوصف فجائز للضرورة، وقد تقدم قول من فرق بين من يولد أعمى وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>