٣٤ - «ويؤخذ ممن تجر منهم من أفق إلى أفق عشر ثمن ما يبيعونه، وإن اختلفوا في السنة مرارا».
العمدة في أخذ العشر من أهل الذمة؛ ما أثر عن عمر بن الخطاب ﵁ كما في الموطإ (٦٢٣) عن السائب بن يزيد قال: كنت غلاما مع عبد الله بن عتبة بن مسعود على سوق المدينة في زمان عمر بن الخطاب، فكنا نأخذ من النبط العشر»، انتهى، فأهل الذمة المقيمون ببلاد الإسلام، كيفما كانوا رجالا أو نساء، أحرارا أو عبيدا، متى خرجوا في تجارة إلى ما وراء الأفق الذي هم فيه، أعني خارج الإمارة التي فرضت عليهم فيها الجزية؛ لزمهم أن يدفعوا لسلطان المسلمين عشر ما يتاجرون فيه، قيل إنما يدفعون عشر ما يبيعونه، وقيل بل يعطون عشر قيمة السلع التي يدخلون بها إلى الأفق، باعوا أو لم يبيعوا، والأول لابن القاسم، وعليه؛ لو أرادوا الرجوع قبل البيع؛ لم يلزمهم شيء، والثاني لابن حبيب، وعليه؛ لو أرادوا الرجوع بعد دخولهم وقبل بيعهم؛ لزمهم العشر، وقد عللوا قول ابن القاسم بأن المأخوذ منهم لحق الانتفاع بما باعوه، وعللوا قول ابن حبيب بأن المأخوذ منهم لحق الوصول إلى القطر، وقد وصلوا، وعلم مما سبق أنه لا يؤخذ منهم شيء إذا اتجروا في الأفق الذي فرضت عليهم فيه الجزية، لأن ذلك مما يقتضيه إقرارهم على دينهم فيه، وقد نص مالك في الموطإ على أن من خرج منهم من بلاده إلى غيرها يتجر فيها فعليه العشر، من يتجر منهم من أهل مصر إلى الشام، ومن أهل الشام إلى العراق، ومن أهل العراق إلى المدينة أو اليمن،،، إلى أن قال:«مضت بذلك السنة»، وقوله وإن اختلفوا في السَّنَةِ مرارا؛ معناه أن أخذ العشر يتكرر بتكرر خروجهم من أفقهم إلى الأفق الآخر لتكرر سببه، وهو الوصول، أو البيع على الخلاف المتقدم، قال مالك: «وإن اختلفوا في العام الواحد مرارا في بلاد المسلمين؛ فعليهم كلما اختلفوا العشر، لأن هذا ليس مما صالحوا عليه، ولا مما