٢٣ - «وتوضع الموازين لوزن أعمال العباد، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ويؤتون صحائفهم بأعمالهم، فمن أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا، ومن أوتي كتابه وراء ظهره فأولئك يصلون سعيرا».
الإيمان بالميزان، ووزن أعمال العباد يوم القيامة دل عليه الكتاب والسنة، قال الله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾ [الأنبياء: ٤٧]، وقال تعالى: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨)﴾ [الأعراف: ٨].
وقد نقل الحافظ في الفتح عن أبي إسحاق الزجاج قوله:«أجمع أهل السنة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن يوم القيامة، وأن الميزان له لسان وكفتان، ويميل بالأعمال، وأنكرت المعتزلة الميزان، وقالوا هو عبارة عن العدل، فخالفوا الكتاب والسنة»، انتهى، وكون الميزان معناه العدل قال به بعض السلف، لكن ظهر أن مراده أن العدل لازم له، وإنما أنكر المعتزلة الميزان والوزن لأن الأعمال أعراض يتعذر وزنها لكونها لا تقوم بأنفسها، وهذا منهم قياس لعالم الغيب على عالم الشهادة، وهو قياس مع الفارق فيرد، ونحن وإن كنا في إيماننا بما في كتاب ربنا وسنة نبينا ﷺ لسنا في حاجة إلى غيرهما، إلا أننا نذكر هنا أن المقاييس قد دخلت اليوم كثيرا من الأمور التي هي أقرب إلى الأعراض منها إلى الأجسام كالحرارة والضغط والرطوبة وغيرها مما يفند دعوى منكري وزن الأعراض.
وقد ورد ما يدل على أن الأعمال توزن، وهذا هو الأصل، قال النبي ﷺ: «ما يوضع