٠٦ - «ويستحب الفطر فيه قبل الغدو إلى المصلى، وليس ذلك في الأضحى، ويستحب في العيدين أن يمضي من طريق، ويرجع من أخرى».
اعتنى الشرع بالفصل والتمييز بين العادات والعبادات عناية عظيمة، فكانت النية شرطا في صحة العبادة، ورتب الأجر على النية فيما كان من الأعمال عادة، وندب إلى تعجيل الفطر لانتهاء وقت العبادة، وتأخير السحور لامتداد وقت العادة، ومن هذا القبيل النهي عن صوم يوم الشك، واستحباب الفطر يوم عيد الفطر قبل الذهاب إلى المصلى، ولا يستحب ذلك في عيد الأضحى؛ لأنه ليس قبله صوم لازم بالزمن، ومنه عدم الزيادة على الواجب في زكاة الفطر وغيرها عند المالكية كي تحفظ حدود الشرع، قال ابن قدامة:«الحكمة في ذلك أن يوم الفطر حرم فيه الصيام عقب وجوبه، فاستحب تعجيل الفطر لإظهار المبادرة إلى طاعة الله وامتثال أمره في الفطر، على خلاف العادة، والأضحى بخلافه، مع ما فيه من استحباب الفطر على شيء من أضحيته»، انتهى.
وقد روى البخاري وغيره عن أنس بن مالك قال:«كان رسول الله ﷺ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، وكان يأكلهن وترا»، وإنما جعلهن وترا إشارة إلى الوحدانية، وكذا كان ﷺ يفعل في جميع أموره تبركا بذلك، ولذلك لا يبعد أن يقال بمثل هذا في الفطر من الصيام وإن لم يأت التقييد بالوتر، والله أعلم.
وقد روى مالك (٤٣١) عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يأكل يوم عيد الفطر قبل أن يغدو»، وقال عن سعيد بن المسيب إنه أخبره أن الناس كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو»، قال مالك: ولا أرى ذلك على الناس في الأضحى»، فلم يستعمل القياس ﵀ للفارق.
وقد جاء في تأجيل الفطر يوم الأضحى إلى ما بعد الصلاة ما رواه الترمذي (٥٤٢)