١٢ - «لا يكون من عباده قول ولا عمل إلا وقد قضاه، وسبق علمه به، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير».
وهذا فيه مزيد توضيح للقدر، ودلالة على عموم إرادة الله تعالى كل ما يصدر عن عباده من قول وعمل، خيرا كان أو شرا، وعلى أنه خالق ذلك كله، بما فيه أفعال العقلاء الاختيارية، وأن ذلك قد سبق علمه به، إذ كيف يجوز على الله تعالى وهو الخالق أن لا يعلم خلقه وأحوالهم وأعمالهم؟، وأهل السنة يقولون العباد فاعلون، والله تعالى خالقهم وخالق أفعالهم.
ومن الآيات الدالة على خلق الله تعالى أفعال العباد قوله سبحانه: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)﴾ [الصافات: ٩٦]، أي والذي تعملونه، وهو واضح، وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا﴾ [البقرة: ٢٥٣]، ووجه الدلالة منه أنه أخبر أنهم اقتتلوا، ثم بين أنه لو شاء ما اقتتلوا، فدل على وقوع الاقتتال بمشيئته، ثم بين أنه يفعل ما يريد، يعني ما يشاء، فكان المعنى أنه خالق ذلك، لأن اقتتالهم من جملة ما أراده وشاءه، وقال تعالى: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦)﴾ [البروج: ١٦]، فكل من أثبت عموم مشيئته سبحانه وهو المذهب الحق لزمه ولا بد أن يثبت خلق الله تعالى أفعال العباد، ومن لم يثبتها خرج عما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وسلف الأمة.
وقد ذهب الأشعرية إلى أن الله تعالى خالق أفعال العباد، لكن أثبتوا لهم لهم كسبا، ثم اضطربوا في تعريفه، وذكروا أن الحامل لهم على القول به أن لقدرة العبد مدخلا في