٨١ - «ولا بأس بتعليم المتعلم القرآنَ على الحِذَاق، ومشارطة الطبيب على البرء».
المراد بالحِذَاق - بكسر الحاء والذال المنقوطة - الحفظ، يقال حذق يحذق حذقا وحذاقا من باب ضرب إذا مهر في الشيء، والمقصود أنه يجوز أن يجاعَل المعلم على تحفيظ أحد شيئا من القرآن يقرؤه عن ظهر قلب، أو يجيد قراءته في المصحف، فإذا أتم ما جوعل عليه استحق العوض وإلا فلا، وكذا يجوز أن يشارط الطبيب على مداوة مريض على وجه الجعالة، والظاهر جواز الإجارة على تعليم القرآن أو شيء منه في مدة محددة لا مجاعلة، إذ لا حيلة للمعلم في حذاق الصبي وغيره لاختلاف قدرة الناس على الحفظ، وهو قول ابن الحاجب كما في حاشية الصعيدي، بخلاف المشارطة على البرء، فإن للطبيب أن لا يجاعل حتى يعلم حال المرض ومدى قدرته على علاجه، والله أعلم.
وقد اختلف في جواز أخذ الأجرة على القُرَبِ بعامة، وعلى تعليم القرآن بخاصة، ومن الأدلة على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم أن النبي ﷺ زوج امرأة لرجل بما معه من القرآن الكريم، وهو في صحيح البخاري عن سهل ابن سعد وقد تقدم في النكاح، ومن ذلك إقراره النفر الذين أخذوا قطيعا من الغنم في مقابل مداواتهم لديغا، وقال:«إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله»، وورد أن عمر بن الخطاب كان يرزق ثلاثة معلمين للقرآن بالمدينة كلا منهم خمسة عشر درهما كل شهر، وهو عند البيهقي، وفي مصنف ابن أبي شيبة، ومما جاء معارضا لهذا قول النبي ﷺ:«اقرؤوا القرآن، واعملوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به»، رواه أحمد والطبراني عن عبد الرحمن بن شبل، ولا تجفوا عنه، أي لا تبتعدوا عن تلاوته، وقوله:«ولا تغلوا فيه»، هو نهي عن جميع أنواع الغلو، من ختمه في أقل من المدة المأذون فيها، والتنطع في أدائه،