وهذا هو السلف بالزيادة، وهو ربا الجاهلية المحرم بالإجماع، وقد تقدم أول الباب ما رواه مالك في الموطإ (١٣٦٧) عن زيد بن أسلم فيه، وينطبق عليه أيضا أنه فسخ دين في دين، وتوضيحه أن من فعل فقد فسخ دينه الأول، فيما فرضه من الزيادة مضمومة إلى أصل الدين، فالذي له على آخر عشرة آلاف دينار يردها له في رمضان فأجلها إلى ذي القعدة على أن يدفع له أحد عشر ألفا، فقد فسخ المبلغ الأول في الثاني، ولا فرق بين أن تكون الزيادة من المديان، أو من أجنبي، وينطبق هذا الإطلاق على القروض التي تعطيها الدولة للناس من غير أن يدفعوا فائدة، لكنها تتولى دفع الفائدة عنهم، وهذا محقق الحرمة إذا كان البنك خاصا، فإن كان ملكا للدولة فلينظر فيه.
قلت: الصواب إن شاء الله جوازه، لأن البنوك ملك للدولة، وهي أداتها في إيصال المساعدات والمنح والجرايات للناس، وإنما تعوضها كي لا تُفلس، والمرء لا يربي نفسه، لكن ينبغي أن تعلم أن القول بالجواز اعتمادا على ما ذكر لا يعني أن العقد سالم من المخالفة التي قد يترتب عليها فساده، ومن ذلك أن المكتري الذي ينتهي كراؤه بالتمليك يلزم بضمان المكترى بالتامين من جميع الأخطار!!، مع أن ضمان المكترى على البائع ما لم يتعد المكتري، ومن ذلك أن يكون العقد غير ربوي في البداية، ثم يؤول إلى الربا بأن يؤقت للمقترض وقت إن تجاوزه دفع الزيادة، ولهذا لا تستقيم الفتوى في هذه الأمور إلا إذا اطلع المستفتى على تفاصيل العقد كلها، والله أعلم.
وقوله «على الزيادة فيه» مفهومه أن التأخير إلى أجل ثان من غير زيادة جائز، بل مندوب إليه، وكذلك الحط من الدين من غير تقديم للأجل، يدل على ذلك قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٨٠].