وقد روى ابن القاسم وابن وهب وعلي بن زياد عن مالك قوله:«من جمع المضمضة والاستنشاق في غرفة واحدة فلا بأس به إذا أخذ من الماء ما يكفي لهما جميعا، وقالوا عنه إلا علي بن زياد: «وإن تمضمض بغرفة، واستنثر بأخرى فواسع»، وهو في النوادر.
وفي الموطإ (٣٣) قال يحي سمعت مالكا يقول في الرجل يتمضمض ويستنثر من غرفة واحدة إنه لا بأس بذلك»، لكن هذا الذي قلنا عنه إنه أفضل؛ هو المفضول في مشهور المذهب.
قال خليل:«وفعلهما بست أفضل، وجازا، أو إحداهما بغرفة»، وعلل بعضهم ترك تلك الكيفية التي دل عليها الحديث، أعني المضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة؛ بما فيها من تنكيس العبادة، يعني عدم الترتيب بين المضمضة والاستنشاق، وهو رأي، ولعل قائل ذلك لو علم النص لما قال ما قال، وجزم ابن رشد بأفضلية ماورد في السنة كما في شرح الدردير.
ومما يستحب في الوضوء الاستياك؛ لعموم الأدلة الدالة على اشتراعه من قول النبي ﷺ وفعله، ومن ذلك قوله ﷺ:«لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة»، وهو في الصحيحين، والموطإ (١٤٢)، لكن من غير ذكرقيد الصلاة، وفي الموطإ أيضا (١٤٣ عن أبي هريرة من قوله:«لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك مع كل وضوء»، وهو موقوف لفظا مرفوع حكما، يدخل في المسند لاتصاله من غير وجه، كما قاله ابن عبد البر، وقد رواه الطبراني في الأوسط عن علي مرفوعا بإسناد حسن كما قال الزرقاني في شرح الموطإ، والغماري في مسالك الدلالة، والظاهر والله أعلم أن الاستياك يكون قبل الشروع في الوضوء لمناسبة هذا التقديم لتطهير فمه بالماء، والله أعلم.
وظاهر قول المصنف «وإن استاك بإصبعه فحسن»؛ مساواة الاستياك بالإصبع؛ بالاستياك بعود الأراك ونحوه، وقيل بل مراده عند افتقاده، وهذا هو الحق إن شاء الله، وقد جاء في الاشتباك بالاصبع ما رواه أحمد عن علي قال عنه الحافظ لا أرى بسنده بأسا.