بذلك؛ فنعم، لأنه تنطع مخالف للثابت من هديه ﷺ، وإلا فإن كان للنظافة، كأن يكون الماء قليلا، فلا حرج إن شاء الله.
وقد ذكر أهل العلم أن بل اليد قبل لقي الأذى؛ حسن، فإنها إذا تشربت الماء الطاهر انسدت مسامها، فلم تداخلها النجاسة إذا لاقتها، ومن ثم لا تبقى فيها رائحة.
قال خليل ذاكرا المستحبات:«وبلها قبل لقي الأذى»، والأفضل البدء بغسل مخرج البول لأن نجاسته أخف، لئلا تتلطخ يده إن ابتدأ بغيره.
وقد دل كتاب الله على مشروعية الاستجمار، قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (٤٣)﴾ [النساء: ٤٣]، ووجه الدلالة منه أنه إنما ذكر فقدان الماء بعد المجئ من الغائط، فدل على أنه غير لازم له، وهو واضح.
والاستجمار يكون بالجمار وهي الحجارة، وبالمدر وهو الطوب، ومثله غيره من كل جامد، غير مؤذ كالزجاج، مزيل للخبث، ليس مطعوما، ولا بذي حرمة كالورق المكتوب، والظاهر أنه لا فرق بين العربية وغيرها، ولا ذي شرف كالذهب والفضة، وقد قال النبي ﷺ:«إذا ذهب أحدكم إلى الغائط؛ فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن فإنها تجزئ عنه»(١)، وفيه مطلوبية إعداد ما يتطهر به مسبقا، ومعنى يستطيب يتطهر، ولذلك سمي الاستنجاء استطابة، وتجزئ عنه؛ تكفيه.
ويدل على أن الأحجار ليست مقصودة لذاتها بل للإنقاء بها فيكون غيرها مثلها، وإنما ذكرت لأنها الغالب على الموجود مما يستنجى به؛ مفهوم ما رواه مسلم وأبو داود (٣٨) عن جابر بن عبد الله قال: «نهانا رسول الله ﷺ أن نتمسح بعظم أو بعر».
وفي صحيح البخاري (١٥٥) من حديث أبي هريرة قال: «اتبعت النبي ﷺ وخرج لحاجته، فكان لا يلتفت فدنوت منه، فقال: «ابغني أحجارا استنفض بها، ولا تأتني بعظم ولا روث،،،» الحديث، أستنفض بها أستنجي، من نفضت الثوب، لأن المستنجي ينفض
(١) رواه أبوداود (٤٠) والنسائي وابن ماجة عن عائشة.