٨٣ - «ومن اكترى كراء مضمونا فماتت الدابة فليأت بغيرها، وإن مات الراكب لم ينفسخ الكراء، وليكتروا مكانه غيره».
لما سبق له أن صرح في الفقرة (٧٩) بأن موت الدابة المعينة للكراء وانهدام الدار المعينة له ينفسح بتلفهما الكراء صرح هنا بحكم الكراء المضمون في غير معين كأن يقول له: إِكْر لي دابة أحمل عليها كذا إلى موضع كذا، فإذا ماتت فعليه إحضار أخرى، أما المعينة تموت فهي كالأجير المعين يموت فيفسخ الكراء بذلك.
واعلم أن الكراء المضمون وإن كان لا يجوز أن يتعلق بذات معينة فإنه لا بد فيه من بيان الجنس والنوع والذكورة والأنوثة، أعني كونه جملا أو فرسا أو حمارا ذكرا أو أنثى، والذي يقال اليوم بيان كونه سيارة أو حافلة أو طائرة أو باخرة وبيان سعة المسكن وعدد غرفه ودرجته وغير ذلك من المرافق اللازمة فيه بحسب العادة.
وقد كرر قوله:«وإن مات الراكب لم ينفسخ الكراء»، ليرتب عليه قوله «وليكتروا مكانه غيره»، أو لأن ما تقدم كان في كراء المعين، وهذا في الكراء المضمون وهما مستويان في عدم الفسخ بموت الراكب، والذي يتولى الإكراء هم الورثة، وإلا فالحاكم، والله أعلم.
واعلم أن القول بجواز الكراء على الكراء قد قاسوه على البيع فكما يجوز لمن اشترى شيئا أن يبيعه فكذلك يجوز له بيع المنفعة لأنه قد ملكها، ومع ذلك فلهم فيه تفصيل مرادهم منه نفي تضرر صاحب الدابة والدار ونحوهما بانتقال المنفعة لغير من عاوضه عليها، وهو تفصيل مهم فراجعه في كتب الشروح، ومع ذلك فلا يظهر جواز الإجارة على الإجارة، ولا الكراء على الكراء، ولا يصح قياسهما على البيع، لأن المبيع قد انتقل ملكه للمشتري، بخلاف المكترى فإنه باق لصاحبه، وهو إنما عاوض على منافعه شخصا معينا، ويتعلق بذلك مقاصد وأغراض ومصالح، ولما ينشأ عن تأجير المؤجر من