١١ - «وجاء فيما ظهر من الحيات بالمدينة أن تؤذن ثلاثا وإن فعل ذلك في غيرها فهو حسن ولا تؤذن في الصحراء ويقتل ما ظهر منها».
الحيات جمع حية تقع على الذكر والأنثى، فالتاء فيها للوحدة كنملة، لا للتأنيث، وجاء عن العرب قليلا استعمال الحي في الذكر والحية للأنثى، ومعنى تؤذن تحذر ويطلب منها مغادرة المكان، على أن يكون ذلك ثلاثة أيام، فإن ظهرت بعد الثلاث قتلت، وقد قيل إن هذا الحكم خاص بما ظهر منها في المدينة، وقيل يعم الأماكن المعمورة كلها، وهذا هو الظاهر، لكن مالكا خفف في الأخير، ولا يتناول هذا الحكم الصحراء، وقد روى مالك ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي السائب أنه دخل على أبي سعيد الخدري قال: فوجدته يصلي، فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته، فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت، فالتفت فإذا حية فوثبت لأقتلها فأشار إلي أن اجلس فجلست، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار، فقال: أترى هذا البيت؟، فقلت: نعم»، قال:«كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس، قال: فخرجنا مع رسول الله ﷺ، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله ﷺ بأنصاف النهار، فيرجع إلى أهله فاستأذنه يوما فقال له خذ عليك سلاحك، فإني أخشى عليك قريظة، فأخذ الرجل سلاحه، ثم رجع، فإذا امرأته بين البابين قائمة، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به، وأصابته غيرة، فقالت له اكفف عليك رمحك وادخل البيت لترى ما الذي أخرجني، فدخل فإذا بحية عظيمة منصوبة على الفراش، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به، ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه، فما يدرى أيهما كان أسرع موتا ألحية أم الفتى، قال: فجئنا رسول الله ﷺ وذكرنا ذلك له، وقلنا ادع الله أن يحييه لنا، فقال: استغفروا لصاحبكم، ثم قال: إن بالمدينة جنا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان».