للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول لا إله إلا الله … محمد أرسله الإله

يجمع كل هذه المعاني … كانت لذا علامة الإيمان

وهي أفضل وجوه الذِّكر … فاشغل بها العمر تفز بالذخر

وقوله: «الله إله واحد» أي لا شريك له في الربوبية كالخلق والرزق والإحياء والإماتة، ولا في الألوهية، وهي كونه المعبود وحده سبحانه، ولا في الصفات ككونه يعلم الغيب، وهو سبحانه واحد في ذاته وصفاته وأفعاله.

وقوله: «لا إله غيره» توكيد للجملة الأولى، لكن الثانية أبلغ، لأنها تنفي الإلهية عن غير الله تعالى، ثم تثبتها له وحده، والأولى إثبات مجرد بمنطوقها، لكن لا مانع أن تتضمن النفي أيضا بالمفهوم، فلا يستقيم قول من قال «إن الجملة الأولى لا تشعر بنفي إله غيره»، بل هي مشعرة بذلك بالمفهوم، والجملتان مأخوذتان من قوله تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)[البقرة: ١٦٣].

قال القرطبي في تفسيره عند هذه الآية: «لما حذر تعالى من كتمان الحق بين أن أول ما يجب إظهاره ولا يجوز كتمانه أمر التوحيد، ووصل ذلك بذكر البرهان، وعلم طريق النظر، وهو الفكر في عجائب الصنع، ليعلم أنه لا بد له من فاعل لا يشبهه شيء»، انتهى.

ومن جنس هذا أن يوسف حين طلب منه صاحبا السجن تعبير الرؤيا لم يعبرها حتى بين لهما عقيدة التوحيد الحقة، وأنه عليها، وأن ما هما عليه كفر وشرك، وأن تعبيره الرؤيا من فضل الله وهو مما علمه إياه، لأنه اتبع ملة آبائه من قبله، قال تعالى: ﴿يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٤٠)[يوسف: ٣٩ - ٤٠].

واسم الجلالة الأصل فيه الإله بالتعريف، فعال بمعنى مفعول أي مألوه، «مشتق من ألَه يألَه بفتح اللام فيهما إلاهة إذا عبد، وقيل من أله يألَه من باب فرح إذا تحير أو سكن أو

<<  <  ج: ص:  >  >>