فزع أو ولع، وكل منهما يرجع إلى معنى هو ملزوم للخضوع والتعظيم» (١)، وعلاقته بالأول أظهر، ولفظ الألوهية مصدر صناعي كالربوبية، ولفظ الإلهية نسبة للإله، أما مصدر أله يأله فهو إلاهة بكسر الهمزة.
قال الشيخ الطاهر بن عاشور في تفسير سورة الفاتحة:«وأحسب أن اسمه تعالى تقرر في لغة العرب قبل دخول الإشراك فيهم، فكان أصل وضعه دالا على انفراده بالألوهية إذ لا إله غيره، فلذلك صار علما عليه، وليس ذلك من قبيل العلَمَ بالغلبة، بل من قبيل العلمَ بالانحصار مثل الشمس والقمر»، انتهى.
فمعنى لا إله غيره لا معبود سواه، ولما كانت المعبودات في الواقع كثيرة تعين أن يقال لا معبود بحق غيره، أو لا إله حق غيره، إبعادا لمعنى هذه الكلمة الشريفة عن اللبس والغموض الذي قد يؤخذ مما لو قلنا إن المعنى لا إله موجود، إلا أن يكون غرض القائلخدمة الباطل بهذا التقدير، وتجريد هذه الكلمة مما دلت عليه والله أعلم.
لكن قد يقال إن الإله في أصل وضعه هو المعبود بحق، والذين أطلقوه على غير الله حرفوا معناه، وما ورد في القرآن من تسمية ما كان العرب يعبدونه من دون الله بالآلهة فمجاراة لهم في تلك التسمية بحكاية أقوالهم ومزاعمهم، ثم الكر عليها بالإبطال في مواطن الحجاج، يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ [النمل: ٦٠]، فإنه استفهام إنكاري، وقوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: ٥٩]، وهو عموم لا سيما وقد دخل على النكرة حرف الجر، وقوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: ٢٢]، والجميع متفقون على أنه في هذه المواضع لا يقدر وصف محذوف.
وقد قال إسماعيل بن محمد التيمي الأصبهاني المتوفى سنة (٥٣٥) قي كتابه (الحجة في بيان المحجة): «وقول القائل «لا إله إلا الله»، معناه لا معبود غير الله، وإلا بمعنى غير، لا بمعنى الاستثناء»، انتهى، والمقصود أن قول من قال:«المعنى لا إله موجود غير الله» متجه، لولا تلك الشبهة، فيقال إن تقدير ما لا شبهة معه أولى، وإنما ذكرت هذا لما رأيت
(١) «تفسير التحرير والتنوير» ببشيخ محمد الطاهر بن عاشور (١/ ١٦٢).