للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٢٣ - «ومن سافر أقل من أربعة برد، فظن أن الفطر مباح له، فأفطر؛ فلا كفارة عليه، وعليه القضاء، وكل من أفطر متأولا فلا كفارة عليه، وإنما الكفارة على من أفطر متعمدا بأكل أو شرب، أو جماع مع القضاء».

سبق الكلام في كتاب الصلاة من هذا الشرح أنه لم يرد في تحديد المسافة التي تقصر فيها الصلاة عن النبي غير حديث مسلم، وفيه ثلاثة فراسخ على أكثر الاحتمالين، والأربعة برد إنما جاءت عن بعض الصحابة كابن عباس، وابن عمر، في المسافة التي تقصر فيها الصلاة، وغرض المؤلف هنا؛ بيان حكم من أفطر متأولا، وكلامه ظاهر في أنه لا فرق بين تأويل وآخر، ويقويه حصره الكفارة في حالة الفطر عمدا، لكن المشهور أن من أفطر متأولا تأولا قريبا؛ فليس عليه غير القضاء، ومن أفطر متأولا تأولا بعيدا؛ فعليه القضاء والكفارة، والفرق بينهما؛ أن السببية في الأول قوية، وفي الثاني ضعيفة، وقد ذكروا لكل من التأويل القريب والبعيد صورا مع الاختلاف في بعضها إلى أي النوعين تنتمي، فمن الأول من سافر دون مسافة القصر فأفطر لاعتقاده أنه يباح له؛ فلا كفارة عليه، ومنه من أفطر ناسيا، ثم تعمد الفطر بعد ذلك ظانا الإباحة، ومنه من أصبح جنبا أو حائضا ولم يغتسل، وظن أن الصوم لا يلزمه فأفطر، ومنه من تسحر في الفجر، فاعتقد عدم اللزوم فأفطر، ومنه من قدم من سفره في رمضان ليلا، فاعتقد أن صبيحة تلك الليلة لا يلزم فيها صوم، وسابعها من رأى هلال شوال نهارا فظن أن الفطر يباح له فأفطر، ومن التأويل البعيد من رأى هلال رمضان فلم تقبل شهادته فأفطر، ومنه من عادته أن تأتيه الحمى في زمان معين، فأفطر في اليوم الذي تأتي فيه قبل حصولها، ومنه من عادتها الحيض في يوم معين، فأفطرت قبل حصول الحيض، ومنه من اغتاب شخصا في رمضان فأفطر، ومعظم ذلك من كلام غير الإمام كما في النوادر (الصائم يفطر متأولا).

<<  <  ج: ص:  >  >>