أما القضاء؛ فيلزم كل من أفطر في رمضان عامدا أو ناسيا، كما يلزم القضاء المتطوع الذي تعمد الفطر من غير عذر، وقد تقدم ما في هذين الأمرين، وإنما كان على متعمد الفطر القضاء زيادة على الكفارة لأن صومه انخرم، فلم يكمل العدة كما شرع الله، ولا يكفي الاعتماد على حديث المواقع أهله في رمضان، فيقال لم يأمره النبي ﷺ إلا بالكفارة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وذلك لاحتمال أن يكون السائل عالما بالحكم من قبل، ومن الدليل على لزوم القضاء القياس الأولوي على المستقيء، وقد أمره النبي ﷺ بالقضاء في قوله:«من ذرعه قيء وهو صائم، فليس عليه قضاء، ومن استقاء؛ فليقض»، ولأن الأصل في الكفارة أن تكون زائدة على جبر الأصل كما في قتل الخطإ، وسجود السهو، إلا إذا لم يمكن الجبران فتكون في مقابل ما اقترف من الإثم، ومنه مفهوم المخالفة في قول النبي ﷺ فيمن أفطر ناسيا إنه لا قضاء عليه ولا كفارة، وقد رواه الدارقطني وقال إسناده صحيح، فيكون غير الناسي مخالفا له، على أنه قد جاء في بعض روايات حديث أبي هريرة الصحيح في خصال الكفارة زيادة «وصم يوما مكانه»، يعني بدلا عن اليوم الذي جامع فيه، وقد بين الحافظ في الفتح (٤/ ٢٢٠) الطرق التي فيها هذه الزيادة، ثم قال:«وبمجموع هذه الطرق تعرف أن لهذه الزيادة أصلا»، وانظر الروضة الندية (٢/ ١٧).
أما أن النبي ﷺ قال:«من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض؛ لم يقض عنه صوم الدهر كله، وإن صامه»، رواه الترمذي (٧٢٣)، وابن ماجة (١٦٧٢) عن أبي هريرة، وعلقه البخاري في (باب إذا جامع في رمضان) بصيغة التمريض؛ فليس بمانع مما تقدم لضعفه، ولو كان ثابتا؛ لما دل على عدم القضاء، لأنه خرج مخرج الزجر، ولأن القول بالقضاء لا يعني براءة الذمة من الإثم، كما هو الشأن في القول بالقضاء في الصلاة المتروكة عمدا عند الجمهور، وإنما الذي ينفع في ذلك التوبة، والقضاء من أفرادها.