٣٣ - «وإن كان لغيره معه فيه شركة قوم عليه نصيبُ شريكه بقيمته يوم يقام عليه وعَتَق».
إذا أعتق المرء سهمه في عبد قوم عليه نصيب شريكه فيه فأداه إليه من ماله، ويعتق العبد برمته، قالوا ويُقَوَّمُ العبد كاملا، لا على أن بعضه حر، لما في تقويم بعضه من الإضرار بالشريك في قيمته، وقوله يوم يقام عليه أي أن القيمة تعتبر يوم حكم الحاكم، وقد دل على التقويم حديث عبد الله بن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال:«من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوِّمَ العبد عليه قيمة عدل، فأعطى شركاءه حصصهم، وعَتَق عليه العبد، وإلا فقد عَتَق منه ما عَتَق»، رواه مالك (١٤٥٨) والشيخان وأصحاب السنن، قوله «قوم العبد عليه»، وجه إيجاب التقويم أن فيه ثلاثة حقوق أحدها لله، والثاني للشريك، والثالث للعبد، قاله ابن العربي في المسالك، فسبحان من أعطى كل ذي حق حقه، وقوله عَتَق منه ما عَتَق الفعل فيهما مبني للمعلوم، قال في الصحاح:«عَتَق العبد يعتق عتقا وعتاقة فهو عتيق وعاتق، وأعتقته أنا»، انتهى، وعن أبي المليح عن أبيه أن رجلا أعتق شقصا له في غلام، فذكر ذلك للنبي ﷺ فقال:«ليس لله شريك»، فأجاز النبي ﷺ عتقه، رواه أبو داود والنسائي، وقال الحافظ:«حديث أبي المليح عند أبي داود والنسائي بإسناد قوي»، انتهى.
وفي حديث أبي هريرة عند الأول:«وغرمه بقية ثمنه»، والشقص، ومثله الشقيص هو النصيب والسهم، ومعنى قوله «ليس لله شريك»، أي أن العتق لله، فلا يصح أن يكون بعض العبد لغيره سبحانه فيكون كأنه شريك لله فيه، قال الخطابي:«والحديث فيه دليل على أن المملوك يعتق كله إذا أُعتق الشقص منه، ولا يتوقف على عتق الشريك الآخر وأداء القيمة، ولا على الاستسعاء، ألا تراه يقول: «وأجاز النبي ﷺ عتقه، وقال: ليس لله شريك»، فنفى أن يقارن الملكُ العتقَ، وأن يجتمعا في شخص واحد، هذا إذا كان المعتق موسرا، فإذا كان معسرا كان الحكم بخلافٍ على ما ورد بيانه في السنة»، انتهى.