٨ - «ووقت صلاة العتمة- وهي صلاة العشاء، وهذا الاسم أولى بها- غيبوبة الشفق، والشفق الحمرة الباقية في المغرب من بقايا شعاع الشمس، فإذا لم يبق في المغرب صفرة ولا حمرة؛ فقد وجب الوقت، ولا ينظر إلى البياض في المغرب، فذلك لها وقت إلى ثلث الليل، ممن يريد تأخيرها لشغل أو عذر، والمبادرة بها أولى، ولا بأس أن يؤخرها أهل المساجد قليلا لاجتماع الناس، ويكره النوم قبلها، والحديث لغير شغل بعدها».
هذه الصلاة تسمى صلاة العشاء، قال الله تعالى:«ومن بعد صلاة العشاء»، وورد تسميتها بالعشاء الآخرة تمييزا لها عن المغرب، وورد النهي عن تسميتها بالعتمة، لأن ذلك من تسمية الأعراب كما في صحيح مسلم عن ابن عمر مرفوعا:«لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء، فإنها في كتاب الله العشاء، وإنها تعتم بحلاب الإبل»، وقوله تعتم؛ يعني تؤخر حلاب الإبل إلى وقت اشتداد الظلمة، وهو العتمة، وفيه حرص نبينا محمد ﷺ على المحافظة على أسماء أمور الشرع وعدم التقليد فيها، لما يترتب على ذلك من المفاسد، ورضي الله عن ابن عمر، فقد قال كلمة عظيمة في تغيير الأسماء الشرعية فقد روى ابن شيبة عن ميمون بن مهران قال، قلت لابن عمر:«من أول من سمى صلاة العشاء العتمة»؟، قال:«الشيطان»، ونحن في عصر كثر فيه تقبل المسلمين لما يحدثه أعداؤهم من اصطلاحات تنافس الأسماء الشرعية عندهم، وربما أوحوا إليهم استهجان بعض الأوصاف الواردة في كتاب ربهم وسنة نبيهم، فاستثقلها بعضهم، كإطلاق وصف الكفر، ولفظ الجهاد، وتحرجهم أن يقولوا نصارى كما سماهم الله، فيقولون المسيحيون، وأين هم من المسيح ﵊؟، فتابعوهم على ذلك، فينبغي أن يحذروا وينتبهوا.