٦ - «ومن سنة الوضوء؛ غسل اليدين قبل دخولهما في الإناء، والمضمضة، و الاستنشاق، والاستنثار، ومسح الأذنين؛ سنة، وباقيه فريضة».
لعل المؤلف أشار إلى سنية غسل اليدين نصا، خوفا من أن يفهم من قوله «فلا بد من غسل يديه»؛ وجوب الغسل، وهو كما قال، لكن ورد الأمر بذلك لمن قام من نوم، مما يدل على آكدية غسلهما في حقه، إذ روى مالك (٣٦) والشيخان عن أبي هريرة قال، قال رسول الله ﷺ:«إذا استيقظ أحدكم من نومه؛ فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده»، وثبت ذكر الغسل ثلاث مرات، والتخيير بين اثنتين وثلاث، انظر (د/ ١٠٣ و ١٠٤)، وقوله:«فإن أحدكم … الخ»؛ تعليل للأمر بالغسل، وليس بلازم أن ينصب التعليل على التنجس المحتمل بإصابة موضع المخرجين، بل يجوز أن يكون من جنس أمر المستيقظ من النوم أن يستنشق لأن الشيطان يبيت على مناخيره، وقد اختلف في النائم في النهار هل يلحق بالنائم في الليل؟، والظاهر من التعليل لحوقه به متى كان النوم معتبرا، وإنما جاء الحديث على الغالب على الناس في النوم
وقد بيّن المؤلف سنن الوضوء في المذهب، وهي غسل اليدين إلى الكوعين كما تقدم، والمضمضة، والاستنشاق، والاستنثار، ومسح الأذنين، ولم يذكر رد مسح الرأس، والترتيب بين الفرائض، وكون الترتيب سنة هو رواية ابن القاسم، لكن روى علي بن زياد عن مالك أن من نكس وضوءه أعاده، وروى المدنيون عنه وجوب الترتيب، قال ابن رشد في المقدمات بعد ذكر ذلك:«ومعلوم أن مالكا منهم، وإمام فيهم»، وظاهر أن هذا منه ترجيح لقولهم، لكن جزم ابن عبد البر في الكافي بأن مالكا رجع عن القول بوجوب الترتيب، وما علمت له مستندا، والأولى للمؤمن أن يتوضأ كما كان النبي ﷺ يتوضأ، ويبدأ بما بدأ الله به ورسوله، ويجتهد أن يصلي كما كان يصلي، فإذا فعل ذلك برئت ذمته بلا