فقال رجل من جلساء عمر:«يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا»، فقال عمر:«قد جعلته قراضا»، فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه، وأخذ عبد الله وعبيد الله بنا عمر بن الخطاب نصف ربح المال».
والقراض مستثنى من الإجارة إلى الأجل المجهول بالعوض المجهول بل المعدوم، وفيه الاشتراك بالمال من جانب والعمل من جانب، لأن الشخص قد يكون له مال ولا يقدر على تنميته فيعطيه لمن له القدرة على ذلك، ولا مال له، قال الكاساني في بدائع الصنائع (٨/ ٩): «فكان في شرع هذا العقد دفع الحاجتين والله تعالى ما شرع العقود إلا لمصالح العباد ودفع حوائجهم»، انتهى.
وقد حد القراض ابن عرفة بقوله:«تمكين مال لمن يتجر فيه بجزء من ربحه لا بلفظ الإجارة»، وتعريف خليل أيسر من هذا وأقرب قال:«القراض توكيل على تجر في نقد مضروب مُسلَم بجزء من ربحه إن علم قدرهما»، انتهى.
وللقراض أركان هي العاقدان ويشترط فيهما ما يشترط في الوكيل والموكل كما تقدم، وقد قيل بحرمة مقارضة الذمي، والمذهب كراهة ذلك متى لم يتجر في محرم، والثاني المال المسلَم للعامل، وينبغي أن يكون معلوما لأنه إن لم يعلم كان جزء الربح مجهولا، وأن لا يكون دينا في ذمة العامل، لما فيه من التهمة بالانتفاع بالقرض، ولأن فيه تحول المضمون إلى غير الضمان، وهكذا لا يصح أن يكون وديعة عند العامل ولا رهنا، فإن وقع وعمل بما ذكر فالربح للعامل والخسارة عليه، ولا شيء لرب المال لعدم صحة العقد، ويستمر الدين في الذمة على ما كان، كما يشترط في رأس المال أن لا يكون مضمونا من العامل، إلا أن يتعدى، والثالث الصيغة، وهي ما يكون به التراضي، والرابع ما لكل من رب المال والعامل من الربح إن كان، ويشترط فيه أن يكون جزءا شائعا من الربح كالثلث والربع ونحوهما، لا إن كان مجهولا أو معينا كألف دينار كل شهر مثلا، فإنه يكون ربا بلا شك، أو يكون إجارة إن بَيَّنَ ذلك في العقد، ولا يصح أن يختص واحد من المتعاقدين بشيء غير جزء الربح المذكور إلا ما يحتاج إليه العامل من النفقة التي سيأتي ذكرها.
والقراض عقد غير لازم، قال ابن رشد في بداية المجتهد (٢/ ٢٤٠): «أجمع العلماء