٢٢ - «وإذا كان صرورة؛ جعل ذلك في عمرة، فإذا طاف وسعى وقصر؛ أحرم من مكة بفريضة، وكان متمتعا، والحلاق في غير هذا أفضل، وإنما يستحب له التقصير في هذا استبقاء للشعث في الحج».
الصرورة من الصر وهو الحبس والمنع، ويطلق على التبتل وترك النكاح، وعلى من لم يحج هكذا في النهاية، والمراد هنا الأخير، وفي الحديث:«لا صرورة في الإسلام»، رواه أبو داود (١٧٢٩) عن ابن عباس مرفوعا، وسكت عنه، ورمز السيوطي لصحته، وضعفه المناوي والألباني من أجل عمر بن عطاء، وقد بين الغماري أن عمر الذي في الحديث هو ابن أبي الخوار، وأنه ثقة من رجال مسلم، وليس هو ابن وراز الضعيف، انظر المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي (٦/ ٥٩٦)، وقال المنذري عن ابن الخوار كما في عون المعبود (٦/ ١٠٧) إنه قد ضعفه غير واحد من الأئمة.
والمراد بالنفي في الحديث النهي، أي لا يصح أن يكون في المسلمين من يستطيع الحج ثم لا يحج، أو من يقدر على النكاح ثم لا يتزوج، وهو تغليظ شديد كأن المخالف ليس بمسلم، ومعنى كلام المؤلف، أن من نذر الذهاب إلى مكة وكان قد حج، أو لم يحج وليس الحج واجبا عليه لعدم استطاعته إياه؛ فإنه يجعل ذهابه في حجة أو عمرة على الخيار، فإن كان ممن لزمه الحج؛ أحرم بعمرة يوفي بها نذره، قيل على سبيل الوجوب، حتى لا ينعقد الإحرام عن حجتين واجبتين، وهما حجة الإسلام، والحجة التي نذرها، وذلك لا يتأتى، وقيل يحرم بالعمرة أولا استحبابا، ولعل القائل به يرى أن حجه ينصرف للواجب الأصلي الذي هو حجة الإسلام فلا تعارض، قال خليل:«وعلى الصرورة جعله في عمرة ثم يحج من مكة على الفور»، ومن أحرم بعمرة وكان الفاصل بينها وبين الإحرام بالحج قصيرا؛ فالأفضل له أن يقصر رأسه، ليستبقي الشعث للحج.