للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٥٢ - «ولا بيعتان في بيعة، وذلك أن يشتري سلعة إما بخمسة نقدا أو عشرة إلى أجل قد لزمته بأحد الثمنين».

لا يجوز جمع بيعتين في عقد واحد كأن يقول بعتك هذه السلعة بعشرة تدفعها الآن، أو بعشرين تدفعها بعد شهر، ويفترقان من غير الاتفاق على إحدى الصفقتين، والعلة ما في هذا البيع من الجهالة، فإن البائع لا يدري ما باع، والمشتري لا يدري ما اشترى، وتكون العلة غير الجهالة في بعض الصور، ولذلك رأى بعضهم أنه لو عكس فقال بعتكها بعشرة تدفعها الآن، أو بخمسة إلى شهر لجاز لعدم التردد حينئذ، لأن العاقل إنما يختار البيع إلى أجل بالثمن القليل، واعتبر هذا العقد بيعتين باعتبار اختلاف ثمن الشيء الواحد بالنظر إلى نقده أو تأجيله، وقوله قد لزمته بأحد الثمنين مخرج لما إذا كان العقد على الخيار، بأن يقول البائع اختر بين أن تشتري هذه السلعة بعشرة تدفعها الآن، وبين خمسة عشر إلى شهر مثلا، فمتى اختار إحداهما تم البيع.

والصورة المذكورة للبيعتين في بيعة ذكرها الذين رووا الحديث، منهم سماك بن حرب وغيره، لكن هذا لا يمنع أن يكون للبيعتين في بيعة صور أخرى، منها أن يبيعه إحدى سلعتين مختلفتين بثمن واحد، ويكون المبيع إحداهما على اللزوم، فهذا لا يجوز، لأنه وإن اتحد ثمن السلعتين فقد جهلت السلعة، لكن إن وقع البيع على الخيار فعين إحداهما جاز، وأدخل بعضهم صورة أخرى وهي بيع سلعة على أن يبيعه الآخر سلعة أخرى شرطا وهو محتمل، مع أنه داخل في النهي عن بيع وشرط، وقد عدد ابن العربي صورا من تفسير العلماء للبيعتين في بيعة فانظرها في شرحه لجامع الترمذي المسمى عارضة الأحوذي.

وقد روى مالك (١٣٥٨) بلاغا أن رسول الله نهى عن بيعتين في بيعة، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>