أبي زيد في النوادر عن القول الأول:«وكذلك قال أشهب في المجموعة في باب جمع الصلاتين إن القامة وقت لهما يشتركان فيه»، وسبب هذا الاختلاف أن قوله ﷺ:«وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس»؛ يحتمل أن معنى «صلى» فرغ من صلاة الظهر، ويحتمل أنه بدأها، وعلى الأول لو أخر صلاة الظهر حتى دخل وقت العصر فأوقعها في أوله فلا إثم عليه، ولو قدم صلاة العصر في آخر الظهر كانت باطلة، وعلى الثاني لو صلى العصر عندما بقي من الظهر مقدار أربع ركعات كانت في وقتها، ولو أن مصليين صليا: أحدهما الظهر والآخر العصر قبل انقضاء القامة الأولى فعلى أن الاشتراك في آخر القامة تقع الصلاتان صحيحتين.
والذي يظهر والله أعلم أنه لا اشتراك بينهما، فإن حديث ابن عباس وإن كان ظاهرا فيما ذكر، فإنه يقدم عليه قوله ﷺ:«وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله، ما لم يحضر العصر»، رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص وقد تقدم، وكذلك قوله ﷺ في حديث أبي قتادة الصحيح وقد تقدم:«إنما التفريط في اليقظة: أن تؤخر صلاة؛ حتى يدخل وقت أخرى»، وهو في صحيح مسلم، وهذا لفظ أبي داود (٤٤١)، فهذا نص فلا يعدل عنه إلى الظاهر، والذي هو وصف من الراوي لا من كلام الشارع.
أما آخر وقت العصر ففيه روايتان: أولاهما: رواية ابن عبد الحكم أنه نهاية القامة الثانية، وقد تقدم دليلها، والأخرى: أن وقتها يخرج باصفرار الشمس، وهي المشهورة، حتى قال ابن القاسم:«لم يكن مالك يذكر القامتين في وقت العصر، ولكنه كان يقول: «والشمس بيضاء نقية»، وعنه فيها:«وقت العصر اصفرار الشمس»، ولذلك قال المؤلف: والذي وصف مالك ﵀؛ أن الوقت فيها ما لم تصفر الشمس»، ودليلها ما جاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال، قال رسول الله ﷺ: «وقت الظهر إذا زالت الشمس ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس، ما لم يسقط الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس