للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٣٤ - «والسلف جائز في كل شيء إلا في الجواري، وكذلك تراب الفضة».

يقصد بجواز السلف إذن الشرع فيه، لا مجرد الإباحة، فإنه لا خلاف أنه من أفعال البر المندوبات، وليس في سؤاله نقص على طالبه، لكن ينبغي أن لا يلجأ إليه إلا من حاجة لما فيه من شغل الذمة، وعن عقبة بن عامر قال، قال رسول الله : «لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها»، قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «الدَّيْن»، رواه أحمد والطبراني في الكبير، وهو في الصحيحة برقم (٢٤٢٠).

وقد تسبب عزوف الناس عن القرض في هذا العصر وغياب الضمان والتحمل في إقبال كثير منهم على القروض الربوية المحرمة، وإني أعرف في جهتي من ينهى عن الربا من الواعظين وهو مواقع له مع المواقعين، وقد قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧)[الحج: ٧٧]، ومما جاء في فضل القرض قول رسول الله : «ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقتها مرة»، رواه ابن ماجة (٢٤٣٠) عن ابن مسعود، وحسنه الألباني، وقال النبي : «من نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله بها عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة»، رواه مسلم من حديث أبي هريرة، وأمر الله تعالى بإنظار المعسر إلى الميسرة، وأخبر أن التصدق عليه خير فقال سبحانه: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠)[البقرة: ٢٨٠]، وروى أحمد عن بريدة مرفوعا: «من أنظر مُعسرا فله بكل يوم صدقة قبل أن يحل الدّيْن، فإذا حل الدّيْن فأنظره فله بكل يوم (مثليه) صدقة.

اعتبر الشرع تأخر المدين الغني في رد الدين ظلما إذ قال رسول الله : «لي الواجد يحل عرضه وعقوبته»، رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة (٢٤٢٧) عن عمرو بن

<<  <  ج: ص:  >  >>