في قول بعضهم من التشنيع على من قال المعنى لا إله موجود من غير تفصيل.
ولما كانت كلمة التوحيد مشتملة على لفظ الإله، وهو المعبود بحق تعين على المكلف أن يعرف ثلاثة أمور: معنى العبادة، حتى لا يصرف شيئا منها لغير الله، لأنه إن فعل فهو غير موحد، وما يلزم من كون الله تعالى هو المعبود لا غيره، وهو أمران توحيده في ربوبيته، وتوحيده في أسمائه وصفاته، وما ينبغي أن يتصف به من صفات الكمال، وينزه عنه من صفات النقص.
• معنى العبادة:
وما أعظم جهل كثير من الناس بمعنى العبادة، منهم من لم يفقهوا منها إلا الصور والأشكال، ولم يبقوا منها لله إلا ذلك، وصرفوا لغيره لبها وروحها، وإدراك المسلم معناها كفيل بتنفيره من أن يشرك بالله شيئا، فإن المسلمين جميعا متفقون على أن لا يعبد إلا الله، وإنما أُتي بعضهم من جهلهم بالمقصودَ من لفظ العبادة، لكن أي عذر للمرء أن يجهل معناها، وهي المهمة التي خلق لها، والحكمة التي وجد لأجلها؟، فينبغي أن يعتني العاملون في حقل الدعوة عناية خاصة بإيصال هذا المعنى إلى الناس، وأن لا يملوا من تكريره والتنبيه عليه.
خذ مثلا، ترى بعض الناس يستغيثون بغير الله لظنهم أن ذلك جائز، وقد يعتمدون على من يجوز ذلك بضرب من التأول، فلو علموا أن الاستغاثة عبادة وبين لهم ذلك فقد يبتعدون عنها، فإنها إذا كان المقصود منها أن يطلب من المخلوق ما هو لائق به وفي إمكانه فهي مشروعة، بل هي من جملة الأسباب المشروعة لجلب النفع ودفع الضر، كأن يستعان بالحاضر القادر على دفع صائل، او إنقاذ من نازلة ونحو ذلك، وإن كان المقصود منها أن يطلب من المخلوق ما لا يليق به كأن يستغاث بالميت أو الغائب أو العاجز فهذا النوع خاص بالله تعالى، فمن استغاث بغيره فيه فقد أشرك شركا أكبر، فالاستغاثة المقيدة بما ذكر تجوز بالمخلوق، والخالق سبحانه يستغاث به في هذا وهذا، ويقال هذا في الاستعانة والاستنصار أيضا.
قال ابن تيمية ﵀: «ولهذا لا يعرف عن أحد من أئمة المسلمين أنه جوز مطلق الاستغاثة بغير الله، ولا أنكر على من نفى مطلق