٧٣ - «ولا يسوم أحد على سوم أخيه وذلك إذا ركنا وتقاربا لا في أول التساوم».
المعنى أنه لا يجوز له أن يزيد على الثمن الذي سماه غيره يساوم به البائع، لما فيه من تفويت الفرصة عليه مع ما في ذلك من نشر العداوة والبغضاء، وقد قرن النبي ﷺ في ذلك بين السوم والخطبة فقال:«لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، ولا يسوم على سومه»، رواه الشيخان عن أبي هريرة، وعن ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال:«لا يبع أحدكم على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له»، رواه أحمد ومسلم، وجملة البيع منه في الموطإ (١٣٧٨) عن ابن عمر، وعن أبي هريرة في جملة حديث، لكن المنع إنما يتجه إذا اتفقا ولم يبق إلا إبرام العقد، ولذلك قيده بالشرط مقرونا بمفهومه زيادة في الإيضاح فقال:«إذا ركنا وتقاربا لا في أول التساوم»، وعلامة ذلك مثلا أن يطلب منه أن يزن الشيء، أو يأخذ في التبرؤ من العيوب، وهنا بحث وهو أن هناك ثلاث مراتب الأولى حالة التراكن وقد تقدمت، والثانية حالة التساوم، فكلام مالك ﵀ يدل على جواز مساومة غير الأول قال:«أما قبل التراكن والتقارب فجائز، لأنه لو ترك ذلك لدخل الضرر على الباعة في سلعهم فيؤدي إلى بخسها وبيعها بالنقص»، انتهى.
قلت: ودخول مشتر آخر بين المتراوضين المنفردين في البيع يؤدي إلى الإضرار بالمشترين برفع الأسعار، والشرع يرعى مصالح الطرفين، فالظاهر أن انفراد البائع بالمشتري في التساوم من غير إعلانه أنه يبيع بالمزايدة لا يسوغ معه سوم غير المساوم الأول، يدل على ذلك ما في رواية النسائي لحديث ابن عمر مرفوعا:«لا يبع أحدكم على بيع أخيه حتى يبتاع أو يذر»، وهذا إذا كان غرض المساوم الشراء، أما إن كان غرضه رفع الثمن فهو محرم بالإجماع كما قال النووي، ويسمى فعله هذا النجش بفتح النون وسكون