هذا مما تشترك فيه العارية والوديعة والرهن وهو أنه متى ثبت التعدي لزم الضمان، فإن لم يثبت وكان المودع أو غيره قد تعدى لزمه في نفسه، فإن لم يرد قيمته كان آكلا لأموال الناس بالباطل، ومِنْ صُورِ التعدي التي ذكروها نقل الوديعة من موضع لآخر لغير مصلحة، أو لها، لكن لم ينقلها كما تنقل أمثالها، ومنها أن يودعها عند غيره من غير عذر، ومنها الانتفاع بها كالثوب المودع يلبس، فإنه لا يجوز لبسه، وكذلك السيارة والدابة تركبان لغير مصلحة المحافظة عليهما فإنه تعد يلزم به الضمان، ومن الفروق بين العارية والوديعة أن الأولى فيها تمليك المنفعة فاستعمالها فيما هي له ليس تعديا، والخروج عنه تعد، وكذلك إعارتها أو كراؤها فالظاهر أنه تعد، أما الوديعة فإن مجرد استعمالها لغير المحافظة عليها يعتبر تعديا يلزم منه الضمان، وإذا عرفت هذا فلا حاجة إلى الاستدلال بما في الحديث الضعيف وقد تقدم «ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان»، وأجود منه حديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جدِّه مرفوعا:«من استودع وديعة فلا ضمان عليه» رواه ابن ماجة. وقد تعرض مالك للضمان بسبب التعدي في مال القراض والدابة تكترى والتوكيل على الشراء في باب (القضاء في كراء الدابة والتعدي بها) في الموطإ فانظره.