لفظ السائبة من كلام الجاهلية فلا يصح أن يستعمله المسلم في معاملاته، وقد صرح خليل بكراهته، والظاهر حرمته، قال الله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٣)﴾ [المائدة: ١٠٣]، ومن هذا لفظ النوء المستعمل عندنا مرادا بها المطر، فيقولون النو، فهو لفظ بقي من الجاهلية لكنه لا يراد به ما كان يراد من قول المتقدمين مطرنا بنوء كذا، والمقصود هنا أن من قال لمملوكه سيبتك أو أنت سائبة، يقصد بذلك العتق لا عن معين، فإن ولاءه يكون لجماعة المسلمين يرثونه ويعقلون عنه ويتولون عقد نكاحه إن كان أنثى وتكون لهم حضانته، ولو قال لمملوكه أنت حر ولا ولاء لي عليك فإن ولاءه عليه لا يزول لأنه حكم ثبت بمجرد قوله أنت حر، فلا يؤثر فيه ما بعده.
قلت: والظاهر أن قوله أنت سائبة إما أن لا يعتبر عتقا شرعيا، فإن اعتبر فلا اعتماد على اللفظ فيكون ولاؤه له، وهو رواية ابن وهب عن مالك.