للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢/ ٣٩٢) و (٤٤٢) و (٤٤٣) أن ابن أبي زيد كاتب الباقلاني في المسألة، فألف هذا كتابا سماه الفرق بين معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء، ومما قاله في مقدمته: «وشيخنا أبو محمد مع اتساع علمه في الفروع، واطلاعه على شيء من الأصول؛ لا ينكر كرامات الأولياء، ويذهب إلى ما يذهب إليه المعتزلة، وإنما أراد بقوله كذا، وأخذ يتأول له»، انتهى، ومما يؤكد هذا أنه ألف في كرامات الأولياء كتابه المسمى إثبات كرامات الأولياء كما سيذكر بعد.

وقد ترسخ نهج ابن أبي زيد المعتدل في النظر إلى الكرامات لدى بعض تلاميذه، فتعرضوا لشيء مما تعرض له شيخهم، منهم تلميذه محمد بن موهب التجيبي الحصار المعروف بالمقبري، وكما شارك في الحملة على ابن أبي زيد بعض المتفقين معه في المنهج حصل ذلك لتلميذه هذا، فقد وقف جماعة من الفقهاء والمحدثين في الحزب المضاد له، مما أدى بالحاكم إلى تسيير بعض من الطائفتين عن الأندلس إلى العدوة، ولم يرجع المقبري إلى قرطبة إلا متخفيا متنكرا، قال عياض في ترجمته من المدارك: «كان أبو بكر هذا لتعلقه بهذه العلوم النظرية الغريبة بالأندلس مشوما عند كثير من الفقهاء بقرطبة، سيما من لم يتعلق منهم من العلم بغير الفقه ورواية الحديث، ولم يحضر في شيء من النظر، وكان أبو عون الله شيخ المحدثين في طائفة من أصحابه، منهم أبو عمرو الطلمنكي تلميذه قد أغروا به، فجرت بينه وبينهم قصص ومجاوبات في مسألة الكرامات، فإن ابن موهب (في الأصل ابن وهب) كان يذهب فيها مذهب شيخه أبي محمد بن أبي زيد في إنكار الغلو فيها، وكان أولئك يجوزونها، ويسعون في رواية أشياء كثيرة منها، وكان يثبت نبوءة النساء، ويقول بصحة نبوءة مريم، وبإحالة بقاء الخضر أبد الآبدين» انتهى.

• بعض خصاله:

وقد اشتهر ابن أبي زيد بجملة من الخصال منها الخضوع للحق، وسرعة الانقياد له كما قاله عنه الداودي، ومنها الكرم وإنفاق المال في وجوه الخير عموما، وعلى أهل العلم وطلابه خصوصا، فقد وهب ليحي بن عبد الله المغربي عند قدومه إلى القيروان مائة وخمسين دينارا ذهبيا، ووصل القاضي عبد الوهاب بألف دينار ذهبا عندما بلغه إقلاله،

<<  <  ج: ص:  >  >>