للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٠٣ - «ولا ثنيا ولا كفارة إلا في اليمين بالله ﷿، أو بشيء من أسمائه وصفاته».

اعلم أن من الأيمان ما يكفر في حال الحنث، ومنها ما لا يكفر، والأخير نوعان: أحدهما ينجز على الحالف ما حلف عليه بحنثه، كما في الحلف بالطلاق والعتاق على ما تقدم، فلا تنفع فيه كفارة، ولا ينفع فيه استثناء، والثاني لا كفارة فيه، مع أن المقدم عليه مرتكب لكبيرة، وهو اليمين الغموس، والذي هنا ذكر الثنيا وهي الاستثناء، كقول المرء بالله لأفعلن كذا إلا أن يشاء الله، أو امرأتي طالق إلا أن يشاء الله، وقد بين المؤلف أن الاستثناء والكفارة معا إنما ينفعان في اليمين بالله تعالى، أو بشيء من أسمائه وصفاته، فلا كفارة في الحلف بغير ما يشرع الحلف به، ولا استثناء في الحلف بالطلاق والعتاق، ومن حنث في اليمين لزمته الكفارة إلا أن يستثني مع توفر شروط الاستثناء.

وإذا علمت أن مذهب مالك عدم انتفاع المطلق بالاستثناء في الطلاق، وهو قول الأوزاعي والحسن وقتادة، فاعلم أيضا أن للإمام رواية بجدوى الاستثناء فيه، ذكرها الغماري في مسالك الدلالة، وانظر النوادر (٤/ ١٩ و ٥٣)، وهو قول طاوس وحماد والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي، فهؤلاء يرون الاستثناء مجديا في الطلاق، كأن يقول أنت طالق إلا أن يشاء الله، وهو الذي رجحه ابن المنذر، ودلت عليه مطلقات النصوص وعموماتها، وقد قال الخطابي في المعالم يشرح حديث ابن عمر الآتي» من حلف فاستثنى،،،: «وقد دخل في هذا كل يمين كانت بطلاق، أو عتاق، أو غيرهما، لأنه عم ولم يخص»، انتهى، وانظر تفسير القرطبي (٣/ ١٢٧)، وهذه الرواية أولى أن يفتى بها لما فيها من مراعاة قصد الشارع في الطلاق وتضييق نطاقه، وقد علمت استفحال الأمر في بلدنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>