٣٠ - «ويقرأ الراكب والمضطجع والماشي من قرية إلى قرية ويكره ذلك للماشي إلى السوق وقد قيل إن ذلك للمتعلم واسع».
أما قراءة الراكب والمضطجع فلقول الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٩١)﴾ [آل عمران: ١٩٠ - ١٩١]، وقال تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩]، وهذا في الصلاة المفروضة، لكن لما جازت الصلاة المفروضة في حالي الركوب والمشي والقيام فيها واجب، والاستقبال كذلك، فلأن تجوز في هذه الحال قراءة القرآن وهي لا يجب فيها شيء من ذلك أولى، لكن الدليل الصريح لهذا هو قول أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها-: «كان رسول الله ﷺ يذكر الله على كل أحيانه»، رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة، وعموم الوقت دليل على عموم الحال، وروى الشيخان وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن مغفل قال:«رأيت رسول الله ﷺ يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح»، وهكذا قراءته المعوذات وآية الكرسي عند النوم كما في حديث أبي هريرة الصحيح، أما قراءة الماشي فيظهر أن لا مانع منها ما لم يله عنها، قال النووي:«كما كره النبي ﷺ القراءة للنائم مخافة من الغلط»، وإنما فرق المؤلف بين الذاهب من قرية إلى قرية وبين الماشي إلى السوق، لأن شأن البوادي النظافة بخلاف الحواضر فإن الماشي يمر بالقذر ويطؤه في طريقه، وقوله:«وقد قيل إن ذلك للمتعلم واسع»، لأن المتعلم يحتاج إلى الاستذكار ما لا يحتاج غيره، ولعلهم خرجوه على قراءة الحائض القرآن بخلاف الجنب، وقد حكاه كما ترى بصيغة التمريض.