التعزير، وذهل في ذلك، فإن القول بجريان القود في ذلك ثابت عن الخلفاء الراشدين، فهو أولى بأن يكون إجماعا وهو مقتضى إطلاق الكتاب والسنة»، انتهى.
ومستند مالك في عدم القصاص ما قاله من أنه ليس لطمة المريض الضعيف مثل لطمة القوي، وليس العبد الأسود يُلطم مثل الرجل ذو الحالة والهيئة، وإنما في ذلك كله الاجتهاد للجهل بمقدار اللطمة، انظر تفسير القرطبي.
والمتَالِفُ هي الجراحات التي يغلب عليها أن تؤدي إلى الموت، وقد ذكر المؤلف لها أمثلة منها كسر الفخذ وعظام الصدر والعنق ورض الأنثيين، أما قطعهما ففيه القصاص.
وقد حدث من الوسائل ما يجعل بعض ما كان قبل من المتالف ليس منها، لكن أين من يقيم الحدود وقد صار بعض المنسوبين للعلم كلما ذكروها هونوا من شأنها بقولهم إنها آخر ما يقام في الإسلام إرضاء للكفار والمستغربين، ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (٦٢)﴾ [التوبة: ٦٢]، فإنه أعلم بخلقه وهو أرحم الراحمين.
أما أنه لا يقتص من المتالف فلأن ذلك قد يؤدي إلى موت المقتص منه أو عدم التمكن من الاقتصار على مقدار جنايته، والقصاص الذي شرعه الله تعالى معناه المماثلة، وهي متعذرة في المتالف فيستوي فيها العمد والخطأ في لزوم الدية مع التأديب في العمد، وقد روى البيهقي عن طلحة مرفوعا:«ليس في المأمومة قود» ورُوي هذا أيضا في الجائفة والمنقلة، وقد روى سعيد بن منصور عن عطاء بن أبي رباح أن رجلا كسر فخذ رجل فخاصمه إلى عمر بن الخطاب ﵁ فقال:«يا أمير المؤمنين أقدني»، قال:«ليس لك قَوَد، إنما لك العقل»، انتهى، لكن فيه الحجاج بن أرطاة.
وقال في الروضة الندية (٣/ ٣٥٩): «وأما تقييد ذلك بالإمكان فلكون بعض الجروح قد يتعذر الاقتصاص فيها كعدم إمكان الاقتصار على مثل ما في المجني عليه، وخطاب الشرع محمول على الإمكان من دون مجاوزة للمقدار الكائن في المجني عليه، فإذا كان لا يمكن إلا بمجاوزة للمقدار، أو بمخاطرة وإضرار، فالأدلة الدالة على تحريم دم المسلم وتحريم الإضرار به بما هو خارج عن القصاص مخصصة لدليل الاقتصاص»، انتهى.