واختلف في المراد بإحصاء أسماء الله على أقوال، لعل أقربها إلى الحق أن ذلك الثواب يحصل لمن جمع أمورا ثلاثة هي إحصاء ألفاظها، وفهم معانيها، ودعاء الله تعالى بها، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٨٠].
وأسماؤه تعالى وصفاته أزلية، فلم يكتسب الله تعالى صفة الخالق بالخلق، ولا صفة الرازق بالرزق، لكنه ﷿ يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، فهو الخالق أزلا، وهو يخلق ما يشاء، وهو الرازق أزلا، ويرزق عباده ما شاء متى شاء، ويجيء يوم القيامة والملك صفا صفا، وينزل كل ليلة إذا كان ثلث الليل الأخير.
وصفات الباري ﷿ منها ما هو صفات للذات، ومنها ما هو صفات للأفعال، والفرق بينهما أن صفات الذات كالعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام قديمة أزلية، وصفات الأفعال يفعلها الله تعالى متى شاء كيف شاء، فهو يتكلم ويرضى ويغضب ويضحك وينزل ويدنو ويجيء متى شاء، ومن الصفات ما هو قديم النوع، لكنه حادث في بعض الأفراد كالكلام.
وقد قيل في الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل، أن كل اسم دخله التضاد فهو من صفات الأفعال، نحو يرزق، ويعطي، ويخلق، وصفات الذات لا تضاد فيها ككونه سبحانه سميعا، بصيرا، عليما، حكيما.
والكلام على صفات مولانا ﷿ فرع الكلام على ذاته، فكما أننا لا نعرف كنه ذاته، ولم يقم ذلك حجة في نفيها إذ هو كفر، فكذلك نثبت ما وصف الله تعالى به نفسه، وما وصفه به رسوله ﷺ من غير تكييف، ولا تمثيل، ولا تأويل، ومن أثبت بعض الصفات دون تأويل، وأول بعضها بحجة التنزيه فقد تحكم وتناقض، ولأن القول بالمجاز هنا لا يستقيم، إذ المجاز يصح نفيه، فيقال زيد ليس أسدا، ولا يصح أن يقال لم يستو الله على عرشه، أو لا ينزل كل ليلة، أو لا يجيء يوم القيامة.