وركعتا الفجر مذكورة في جملة الرواتب - لكنها أقوى منها في المشروعية حتى قيل بوجوبها - ففي حديث ابن عمر ﵄ قال:«حفظت من النبي ﷺ عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح، وكانت ساعة لا يدخل على النبي ﷺ فيها»، وفي رواية:«وركعتين بعد الجمعة في بيته»، رواه الشيخان: خ ١١٨٠).
وتصلى ركعتا الفجر بعد طلوع الفجر قبل الفريضة، فإن صليت الفريضة؛ فلا تقضى على المذهب إلا بعد طلوع الشمس رعاية للنهي الوارد عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب، وينتهي قضاؤها في المذهب بزوال الشمس، وقد روى مالك بلاغا عن ابن عمر أنه صلاهما بعد طلوع الشمس، بل صح ذلك مرفوعا لكن بقيد النوم عن الفريضة حتى طلعت الشمس، ويجوز أن تصلى بعد صلاة الصبح، ولا ينتظر بها الشروق لحديث الترمذي (٤٢٢) وابن ماجة عن محمد بن إبراهيم عن جده قيس قال: «خرج رسول الله ﷺ فأقيمت الصلاة، فصليت معه الصبح، ثم انصرف النبي ﷺ فوجدني أصلي، فقال: «مهلا يا قيس، أصلاتان معا؟، فقلت: يا رسول الله إني لم أكن ركعت ركعتي الفجر، قال: فلا إذن»، ورواه أبو داود (١٢٦٧) بنحوه عن قيس بن عمرو قال: «رأى رسول الله ﷺ رجلا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال: رسول الله ﷺ: «صلاة الصبح ركعتان»،،، الحديث، وقوله:«أصلاتان معا»؛ إنكار لإعادة الصلاة من غير موجب، كأنه ﷺ حمل صلاته على إعادة الصبح، وقوله «فلا إذن»، معناه إذا كان الأمر كما تقول؛ فلا مانع من الصلاة، وقد روى مالك في الموطإ نحوا من هذا لكن فيمن قام يصلى هاتين الركعتين بعد أن أقيمت صلاة الصبح، فقال:«أصلاتان معا؟، أصلاتان معا»؟.
فإن قلت: فقد روى أحمد والحاكم والترمذي - وقال غريب - عن أبي هريرة ﵁ قال، قال رسول الله ﷺ:«من لم يصل ركعتي الفجر؛ فليصلهما بعد ما تطلع الشمس»، فإن فيه تقييد قضائهما بما بعد طلوع الشمس؛ فالجواب: أنه لا معارضة بين هذا، وما في حديث قيس من الإقرار على صلاتهما قبلها، فيحمل على أن المراد عدم فواتهما بالطلوع، والله أعلم.