هذا مما لا خلاف فيه بين المسلمين، ولا حاجة إلى الاستدلال له، وسيأتي تفصيل ذلك من سنة النبي ﷺ عند الكلام على زكاة هذه الأنواع، وليس في غير الأجناس الثلاثة زكاة عند الجمهور، وقال الحنفية بزكاة الخيل، وقد أفرد المؤلف زكاة الماشية بالذكر لأنها أوغل في التعبد، إذ لا يطرد فيها ضابط من حيث النصاب إجمالا، ولا من حيث القدر المخرج كما في زكاة العين والحرث والركاز والمعدن، فهي دالة دلالة قوية على أن في الزكاة جانب الواساة، وجانب التعبد.
واعلم أن مذهب مالك عدم التفريق في وجوب زكاة الماشية بين السائمة والمعلوفة والعاملة، وعمدتهم في ذلك قول النبي ﷺ:«في كل أربعين شاة؛ شاة».
فإن قيل: ألا يحمل هذا المطلق على المقيد في قوله: «في سائمة الغنم الزكاة»؟؛ فالجواب: أنهم رأوا تقديم المنطوق في الأول على المفهوم في الثاني، أو لأن الوصف خرج على الغالب في الماشية وهو السوم، ولا عبرة بهذا المفهوم عند الجمهور، ولأن الغنم سائمة بطبعها وخلقها، واعتبروه كذلك من التنصيص على بعض أفراد العام، وليس من قبيل التقييد، وهذا نظير ما تقدم في باب الطهارة من التنصيص على تربة الأرض في بعض الروايات، مع ما ورد من ذكر جنس الأرض، ومع كل هذا، فالظاهر اعتبار قيد السوم في وجوب الزكاة.