للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٨٠ - «ومن سب رسول الله قُتِلَ ولا تُقْبَلُ توبته».

حكى ابن المنذر الإجماع على قتل من سب رسول الله ، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٥٨)[الأحزاب: ٥٧ - ٥٨]، وقد أمر النبي بقتل أناس كانوا يؤذونه بالسب ويهجونه بالشعر وهم كفار، فكيف بمن فعل ذلك من المسلمين؟، ومن هؤلاء كعب بن الأشرف اليهودي، أرسل إليه النبي محمد بن مسلمة مع نفر آخرين، وقال عنه: «قد استعلن بعداوتنا وهجائنا»، وفي الصحيح قوله عنه: «إنه يؤذي الله ورسوله»، ومنهم عبد الله بن خطل وجاريتاه اللتان كانتا تغنيان شعره الذي هجا به رسول الله ، فمن سب من المسلمين المكلفين النبي أي شتمه أو لعنه أو قذفه أو استخف بحقه أو غَيَّرَ صفته، أو ألحق به نقصا في دينه أو عقله أو غض من منزلته التي أعطاها الله له، أو طعن في وفور علمه بالله تعالى أكثر من غيره من المسلمين، أو قال إن منزلته دون الأولياء والصالحين، أو نسب إليه ما لا يليق به على طريق الذم، وهكذا إذا قال أنه ليس بشرا، أو قال أنه يعلم الغيبَ مُطلقًا، ومثله في ذلك سائر الأنبياء المتفق على نبوتهم وكذا الملائكة، فمن حصل منه شيء من ذلك عياذا بالله تعالى فإما أن يتوب أولا، فإن تاب قُتِلَ حدا، وإن لم يتب قُتِلَ كفرا، وإنما لم تنفعه التوبة في دفع الحد عنه لأنه بمثابة الزاني، وشارب الخمر والقاذف لا تنفعه التوبة في إسقاط الحد عند الجمهور، ولأنه مرتد بما فيه حق الغير، بخلاف الحرابة كما سيأتي، فهو يشبه الزنديق، وهو لا تعرف له توبة، قالوا ولا تقبل له توبة ولو لم نطلع عليه حتى جاء تائبا، وفرقوا بينه وببين الزنديق بأن حق الزندقة لله تعالى فيسقط بالتوبة وسب النبي حق آدمي فلا يسقط، قالوا ويقتل ولو ظهر أنه لم يرد ذم النبي لجهل أو سكر أو تهور في الكلام ولا تقبل منه دعوى سبق اللسان، ولا دعوى سهو ولا نسيان، وهذه الأمور وإن كان في بعضها نظر، لكن قول

<<  <  ج: ص:  >  >>