للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض أهل العلم بها فيه عبرة لمن اعتبر، ولا حجة في عدم قتل الأحمق المطاع بعد قوله هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، إما لأن قتل المرتد لم يكن قد تقرر بعد، أو لغير ذلك مما يعتور الفعل، أما القول فشريعة عامة فهو مقدم، أما أن يحتج لعدم قبول توبة شاتم الرسول بأن النبي لم يَدْعُ كعب بن الأشرف إلى التوبة، فليس كما ينبغي لأنه كان يهوديا، نعم يتجه الاحتجاج بعدم قبوله توبة عبد الله بن خطل، فإنه قتل وهو متعلق بأستار الكعبة مع كونه كان كافرا فالمسلم أولى بهذا الحكم.

وقد روى ابن حزم في المحلى (١١/ ٤١٠) عن أبي برزة الأسلمي قال: «أغلظ رجل لأبي بكر الصديق، قلت: «ألا أقتله»؟، فقال أبو بكر: «ليس هذا إلا لمن شتم النبي »، وهذا يدل على أن ساب النبي عنده كافر، والأثر هذا رواه أبو داود والنسائي عن أبي برزة وفيه قول أبي بكر : «لا والله، ما كانت لبشر بعد محمد »، واللفظ المتقدم يبين مراد أبي بكر من قوله هذا، وهو أنه لا يقتل ساب غير النبي ، لا أن مراده أنه ليس له أن يقتل من لم يرتكب إحدى الثلاث التي هي الزنا بعد الإحصان، أو الكفر بعد الإيمان، أو النفس بالنفس، وروى ابن حزم أيضا عن عبد الحميد بن الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه كان على الكوفة لعمر بن عبد العزيز فكتب إليه: «إني وجدت رجلا بالكوفة يسبك، وقامت عليه البينة فهممت بقتله، أو قطع يده، أو قطع لسانه، أو جلده، ثم بدا لي أن أراجعك فيه»، فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: «سلام عليك، أما بعد: والذي نفسي بيده لو قتلته لقتلتك، ولو قطعته لقطعتك، ولو جلدته لأقدته منك، فإذا جاءك كتابي هذا فاخرج به إلى الكناسة فسبه كالذي سبني، أو اعف عنه فإن ذلك أحب إلي، فإنه لا يحل قتل امرئ مسلم يسب أحدا من الناس إلا رجلا سب رسول الله »، انتهى، وروى أبو داود والنسائي والدارقطني عن عكرمة قال: حدثنا ابن عباس أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي ، وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، قال: فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي وتشتمه، فأخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طفل، فلطخت ما هناك بالدم، فلما أصبح ذُكر ذلك لرسول الله ، فجمع الناس فقال: «أنشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام»، فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل

<<  <  ج: ص:  >  >>