للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٣١ - «وتؤخذ من المجوس ومن نصارى العرب».

يعني أنه لا فرق في أخذ الجزية بين نصارى العرب وغيرهم، ولا بين المجوس وغيرهم، وقد قال النبي عن المجوس: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب، رواه مالك (٦١٨) والبخاري عن عبد الرحمن بن عوف، فألحقهم بهم، ولم يقل هم من أهل الكتاب، ولو كانوا أهل كتاب لكان ذلك هو المتبادر، بخلاف من فهم منه أنهم منهم كابن حزم وغيره، وقد ترجم مالك على الحديث بقوله: «جزية أهل الكتاب والمجوس»، فعطفهم عليهم، وحيث إنهم ليسوا أهل كتاب؛ فالقياس يقضي بإلحاق كل المشركين كيفما كانت مللهم بهم، لأن الشرك يشملهم، وهذا هو الذي تتيسر إقامته في الواقع لو كان للمسلمين من القوة ما يقيمون به فريضة الجهاد، لا سيما مع اختلاط الملل في المدينة الواحدة والبلد الواحد بعد ظهور ما يدعى بالمواطنة في هذ العصر، وقد ورد أن عمر أخذها من مجوس فارس، وأن عثمان أخذها من البربر وليسوا أهل كتاب، ذكره مالك في الموطإ (٦١٧) بلاغا، وإنما قدم مالك هذين الأثرين على حديث عبد الرحمن بن عوف؛ ليستعين بفعل الخليفتين على فهمه، فإن الصحابة أعرف بمراد النبي وبحال الناس يومئذ، فضلا عن خلفائه في أمته، قال ابن تيمية في قاعدة قتال الكفار ومهادنتهم (ص ١٥٨): «وقد تتبعت ما أمكنني في هذه المسألة، فما وجدت لا في كتاب، ولا في سنة، ولا عن الخلفاء الراشدين الفرق في أخذ الجزية بين أهل الكتاب وغيرهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>