تقدم أن العبد لا يصح نكاحه دون إذن سيده، لما في تزوجه من الإضرار بمصلحته، لكن إذا تزوج بإذنه؛ فليس للسيد الافتيات عليه بتطليق زوجته منه، لأنه لما قبل تزويجه؛ فقد قبل ما يترتب على الزواج من نقصان خدمته، وهكذا إذا طلق العبد فليس للسيد رد طلاقه من باب أولى، فإنه بإذنه له في النكاح أذن له في كل ما يستتبعه من آثار في الاستمرار والإنهاء، وقد استدلوا على ذلك بحديث ابن عباس مرفوعا:«يا أيها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته، ثم يريد أن يفرق بينهما؟، إنما الطلاق لمن أخذ بالساق»، رواه ابن ماجة (٢٠٨١) وغيره عن ابن عباس، وفيه ابن لهيعة، والمعتمد في الاستدلال استصحاب الأصل، وهو كون العصمة بيد الزوج، والحال أنه بالغ عاقل، وفي الموطإ (١٢١٢) في ترجمة ما جاء في طلاق العبد، أن عبد الله بن عمر كان يقول:«من أذن لعبده أن ينكح؛ فالطلاق بيد العبد، ليس بيد غيره من طلاقه شيء، فأما أن يأخذ الرجل أمة غلامه، أو أمة وليدته فلا جناح عليه»، انتهى.
قلت: لكن إذا طلب السيد من العبد الطلاق، ولم يكن ثمة مانع؛ فيظهر أنه يتعين عليه الاستجابة له، إذ لا يصلح الأمر إلا بذلك، وعلاقة العبد بسيده في لزوم الطاعة لا تقل عن علاقة الولد بوالده، وقد جاء ما يدل على استجابته له إذا طالبه بتطليق زوجته، والله أعلم.