للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة؛ فكيف به في الصلاة التي يناجي فيها المرء ربه؟.

والعورة تختلف في الصلاة عنها خارج الصلاة، بدليل اختلاف أهل العلم في جواز كشف المرأة وجهها للرجال، ولم يختلفوا في طلب كشفه في الصلاة، ولنهي النبي أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، مع أن عورة الرجل مع مثله من سرته إلى ركبته، والذي يذكر هنا إنما هو العورة في الصلاة، فعورة الرجل في الصلاة من سرته إلى ركبته، وفخذه عورة، وفيه خلاف، والمرأة كلها عورة عدا وجهها وكفيها، وفي ظهور قدميها نزاع، والمشهور لزوم الستر، وقال النبي «إذا صليتم فاتزروا، وارتدوا ولا تتشبهوا باليهود» (١).

والثوب في لغة العرب يراد به ما كان غير مخيط على قياس الجسم، وكانوا يلبسون ثوبين هما الإزار والرداء، ومجموعهما يسمى حلة، أما نحو القميص والجبة والسراويلات، فليس مما يراد بالثوب في الأصل، ثم أطلق عليها توسعا، وهو المراد بكلام المؤلف، ويراد بالرداء في اصطلاح الفقهاء ما يلبس فوق بعض ما تقدم كالقميص والجبة زيادة في الستر، والقميص يسلك في الجسم من أعلاه.

فأما الصلاة في الثوب الواحد؛ فقد سئل النبي عن الصلاة في ثوب واحد، فقال: «أو لكلكم ثوبان»؟ (٢)، وهذا يشعر بأن الصلاة في الثوب الواحد مجزئة، وخير منه الثوبان لمن تيسر له ذلك، وقد صلى رسول الله في ثوب واحد ملتحفا مخالفا بين طرفيه على منكبيه» (٣)، وعليك أن تستحضر هنا أنه ليس المراد بكفاية الثوب الواحد في الصلاة ستر الجزء الأسفل من الجسم فقط، يدل على ذلك قول المؤلف:


(١) رواه ابن عدي كما في «صحيح الجامع» للألباني، وروى أبو داودنحوه.
(٢) رواه مالك والشيخان (خ/ ٣٥٨)، وأبو داود (٦٢٥) من حديث أبي هريرة.
(٣) رواه مالك والشيخان (خ/ ٣٥٤)، وأبو داود (٦٢٨) عن عمر بن أبي سلمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>