١٤ - «تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد، أو يكون لأحد عنه غنى، أو يكون خالق لشيء إلا هو رب العباد، ورب أعمالهم، والمقدر لحركاتهم وآجالهم».
في هذه الفقرة تنزيه المولى ﷿ عن ثلاثة أمور، مما يعني أن ضدها هو الحق، وهي:
١ - تنزيهه أن يكون في ملكه ما لا يريد، وهو يثبت له عموم مشيئة كل ما يقع في ملكه، وقد تقدم الكلام على المشيئه، لكن إرادة الله تعالى نوعان:
الأولى هي المشيئة القدرية الكونية، وهذه عامة فلا يقع في ملك الله تعالى إلا ما يشاؤه.
والثانية هي الإرادة الشرعية المتعلقة بما كلف الله به عباده، مما ندبهم إلى فعله، أو تركه، فهذه ليست كالأولى، إذ في المكلفين من يطيعه، فيكون قد فعل ما أراده الله شرعا وقدرا، ورضيه وأحبه، وفيهم من يعصيه، فيكون قد خالف ما أراده له شرعا، وإن كان من جملة ما قدره، فطاعة الطائعين ومعصية العاصين جميعا هي مما أراده الله قدرا.
٢ - تنزيهه أن يستغني عنه شيء من المخلوقات، فيثبت افتقار كل المخلوقات إليه سبحانه في كل ما يفعلون وما يذرون، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)﴾ [فاطر: ١٥]، وقال الله تعالى عن نبيه ورسوله موسى ﷺ: ﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤)﴾ [القصص: ٢٤]، وقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ [محمد: ٣٨].
٣ - تنزيهه أن يكون له شريك في خلق شيء ما، فكما أنه رب العباد أي خالق ذواتهم،