[٤١ - باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك]
قال ابن الأثير: الفَطر الابتداء والاختراع، والفطرة الحالة منه كالجلسة والركبة، وقال عن الفطرة في الحديث:«أي من السنة، يعني سنن الأنبياء ﵈ التي أمرنا أن نقتدي بهم فيها»، انتهى، وقد يقال لم خصت هذه باسم الفطرة مع أن كل الأحكام الشرعية تشاركها في مطلوبية الاقتداء؟، فيقال إنها مختصة بأن الطباع السليمة تميل إليها وتقتضيها، فيكمل بها الإنسان ويتطهر ويتنظف، وبعد كتابة هذا عثرت على كلام البيضاوي الذي قال فيه:«هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع وكأنها أمر جبلي فطروا عليها»، انتهى بالنقل عن الفتح، وقال الحافظ:«ويتعلق بهذه الخصال مصالح دينية ودنيوية تدرك بالتتبع، منها تحسين الهيئة، وتنظيف البدن جملة وتفصيلا، والاحتياط للطهارتين، والإحسان إلى المخالط والمقارن بكف ما يتأذى به من رائحة كريهة، ومخالفة شعار الكفار من المجوس واليهود والنصارى وعباد الأوثان، وامتثال أمر الشارع، والمحافظة على ما أشار إليه قوله تعالى: ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾، لما في المحافظة على هذه الخصال من مناسبة ذلك، وكأنه قيل قد حسنت صوركم فلا تشوهوها بما يقبحها، أو حافظوا على ما يستمر به حسنها، وفي المحافظة عليها محافظة على المروءة، وعلى التآلف المطلوب، لأن الإنسان إذا بدا في الهيئة الجميلة كان أدعى إلى انبساط النفس إليه، فيقبل قوله، ويحمد رأيه، والعكس بالعكس»، انتهى كلامه ﵀، وقال ابن العربي في كتابه القبس عن حكم خصال الفطرة العشرة بعد بيان اختلاف العلماء فيه:«والذي عندي أن جميعها واجب، وأن من تركها لم يكن من جملة الآدميين، فكيف بجماعة المسلمين»؟، انتهى، وهي بهذا المعنى يدخل فيها الختان وستر العورة وغيرهما مما ذكره لكن المؤلف عم ثم خص في الترجمة، وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ (١٢٤)﴾ [البقرة: ١٢٤]، والكلمات هنا هي الأوامر والنواهي، وقد روي عن ابن عباس أن الله تعالى ابتلاه بالطهارة