المرأة الأجنبية وجهها وكفيها، وتيمم المرأة الأجنبية الرجل وجهه ويديه لمرفقيه.
ودليل تغسيل كل من الزوجين الآخر حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: رجع رسول الله ﷺ من البقيع وأنا أجد صداعا في رأسي، وأقول وارأساه، فقال:«ما ضرك؟، لو مت قبلي، فقمت عليك، وغسلتك وكفنتك»، رواه أحمد والدارمي وابن ماجة والدارقطني، وجه الدلالة منه تمني النبي ﷺ ذلك أو ربطه به ربط الشرط بجزائه، وقالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه»، تعني رسول الله ﷺ رواه أبو داود (٣١٤١) وابن ماجة، وأوصى أبو بكر أن تغسله أسماء بنت عميس زوجته، فغسلته، وأوصت فاطمة أن يغسلها علي فغسلها، ولأن كلا من الزوجين أحق بمباشرة الآخر، فإنه لما كان يحل له من الآخر ما لا يحل لغيره منه؛ كان في ذلك وجه تقديمه على غيره من جنس الميت، قال ابن القاسم في المدونة: وسألته عن رجل يغسل امرأته في الحضر، وعنده نساء يغسلنها؟، فقال: نعم»، وقال مثل ذلك في المرأة، ثم قال، فقلت له: أيستر كل واحد منهما عورة صاحبه؟، فقال: نعم، وليفعل كل واحد منهما بصاحبه كما يفعل بالموتى يستر عليهم عورتهم»، فلم يقس مالك ﵀ حال الموت على حال الحياة، وهو جواز نظر المرأة عورة زوجها، والرجل عورة امرأته، وهذا حق.
أما تغسيل الرجل محرمه من النساء، وعكسه، ففيه ثلاث روايات عن الإمام:
أولاها: ما في الموطإ (٥٢٢) من قول مالك إنه سمع أهل العلم يقولون: إذا ماتت المرأة وليس معها نساء يغسلنها، ولا من ذوي المحارم أحد يلي ذلك منها، ولا زوج يلي ذلك منها؛ يممت، فمسح بوجهها وكفيها من الصعيد»، وقال أيضا:«وإذا هلك الرجل، وليس معه أحد، ولا نساء؛ يممنه أيضا»، قوله هنا:«ولا نساء»؛ يعني محارم، وهذا يدل على أن محارم المرأة من الرجال يغسلونها، ومحارم الرجل من النساء يغسلنه، لكن هذا الإطلاق في التيمم هنا مقيد عند مالك بما ذكره ابن عبد الحكم عنه من أن المرأة تيمم الرجل غير المحرم للمرفقين، وأن الرجل يممها للكوعين، وهو بهذا التفصيل في المدونة أيضا، ووجه ذلك أن الرجل إنما يجوز له أن ينظر من المرأة وجهها وكفيها، فاقتصر على الكوعين لأن مسحهما هو الواجب في المذهب كما تقدم في التيمم.