الأخيرة من الفاتحة، لأن هذا أقصى دلالاته أنه ظاهر فلا يعترض به على النص، كقوله ﷺ:«إذا أمن الإمام فأمنوا».
أما إخفاء التأمين؛ فالحجة عندهم أنه دعاء، والأصل فيه الإخفاء، وقد روى الترمذي (٢٤٨) عن علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي ﷺ قرأ ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ فقال «آمين» وخفض بها صوته»، وقد وهم الحفاظ شعبة في هذا الحديث، قال البخاري كما نقله الترمذي:«أخطأ شعبة»، وحكموا بشذوذه لمخالفته غيره، وقدموا رواية سفيان عن سلمة بن كهيل على روايته عنه، وفيها:«ومد بها صوته»، وقد يقال إن مجرد الرواية بخفض الصوت ومثلها إخفاؤه؛ لا يلزم منه الإسرار المستدل عليه بالحديث، وإلا كيف يقول المرء عن أحد إنه قال آمين، إن لم يكن قد سمعه؟، نعم إن هذا التوجيه لا يزيل ما في رواية شعبة من المخالفة لرواية سفيان، لكنها ليست بالمخالفة التي يحكم عليها بالشذوذ، والله أعلم.
ومن الأدلة على الجهر بالتأمين؛ ما في حديث وائل بن حجر من رواية سفيان قال:«كان رسول الله ﷺ إذا قرأ ولا الضالين، قال: «آمين» ورفع بها صوته، رواه أبو داود (٩٣٢)، والترمذي، ومن ذلك تعليقه ﷺ تأمين المأموم بتأمين الإمام، ولو لم يكن تأمين الإمام جهرا؛ ما صح ذلك الربط، إذ كيف يعلم؟، فقد قال ﷺ:«إذا أمن الإمام فأمنوا،،،» الحديث رواه الشيخان وأصحاب السنن عن أبي هريرة، وما حمله عليه بعض علماء المذهب من أن معناه إذا بلغ موضع التأمين فأمنوا، وهو قراءة ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾، فمجاز لا دليل عليه، وفي قول المؤلف:«وفي قوله إياها في الجهر اختلاف»؛ إشارة إلى أن لمالك قولين في تأمين الإمام في الجهر، الأول: النفي، وهو رواية المصريين عنه، وقد تقدم دليله وما فيه، وعلى ذلك جاء قول ابن القاسم:«لا يقول الإمام آمين، إلا فيما أسر به خاصة»، والثاني رواية المدنيين، رواها ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون عنه أن الإمام يقول آمين كالمأموم على حديث أبي هريرة»، انتهى، يريد قوله ﷺ:«إذا أمن الإمام فأمنوا»؛ وهذا هو الحق في المسألة فتمسك به، وانظر الاستذكار (١/ ٤٧٥).