لها أحاديث من ذكراك تشغلها … عن الشراب وتلهيها عن الزاد
لها بوجهك نور يستضاء به … ومن حديثك في أعقابها حاد
وتتحقق إرادة وجه الله تعالى بالعمل باستحضار نية العبادة الخاصة، بأن يكون المكلف عالما بأنه يتوضأ، أو يصلي الظهر، أو يخرج زكاة ماله، وخير له أن يستحضر مع تلك النية؛ نية أخرى، وهي قصد التقرب إلى الله تعالى بذلك العمل، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البيِّنة: ٥].
ومن المعلوم أن العمل لا يكون مقبولا حتى يكون صوابا وخالصا، فأما الصواب من العمل فما وافق السنة، وأما الخالص منه فما ابتغي به وجه الله تعالى، قال ذلك بعض السلف في معنى قوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [المُلك: ٢].
وقد ورد في فضائل الوضوء وكونه مما تحط به الخطايا أحاديث عدة، ولا ريب أن من كان مخلصا بعبادته أسعد الناس بذلك الأجر، فإن الاحتساب هو الإخلاص، ومنها قول رسول الله ﷺ:«ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط»، رواه مالك (٣٨٤) ومسلم (٢٥١) والترمذي (٥١)، وإسباغ الوضوء إتمامه وإكماله باستيعاب العضو، وقد يدخل التكرار المشروع، والمكاره جمع مكره؛ ما يكرهه الشخص ويشق عليه من نحو برد أو بحث عن الماء، ومحو الخطايا غفرانها، أو محوها من كتب الحفظة، وهما متلازمان، والرباط ملازمة ثغور بلدان المسلمين لحمايتها، جعل النبي ﷺ ما ذكره من الوضوء وما بعده بمنزلة الرباط في الأجر، فليلزم هذا الرباط من لم يقدر على الرباط الآخر.