للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عباس يجوز الاستثناء ولو بعد سنة؟ لقد اشتغل بالي بذلك منه منذ سمعته يقوله، وظللت فيه متفكرا، ولو كان ذلك صحيحا، لما قال الله لأيوب: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ﴾ [ص: ٤٤] وما الذي كان يمنعه أن يقول حينئذ: إن شاء الله فلما سمعته يقول ذلك قلت: «بلد يكون الفاميون فيه من العلم بهذه المرتبة أخرج عنه إلى المراغة؟ لا أفعله أبدا، واقتفى أثر الكري، وحلله من الكراء، وصرف رحله، وأقام بها حتى مات »، هذا حال الخبازين في عصور الإسلام الزاهرة، فقارنها بحالهم اليوم تجد الكثير منهم لا يكادون يعرفون مهنتهم، بل لك أن تعمم الحكم على كثير غيرهم، فكيف ينتظر ممن هذا حاله أن يتفقه في الدين؟.

وقد لا يخفى عنك أن الغربيين سلكوا هذا المسلك، إنك تجد حامل الشهادة العالية في تخصص ما يقوم بعمل لا صلة له في الظاهر بتخصصه دون غضاضة، كأن يقود سيارة أجرة، أو يعمل طباخا، أو نحو ذلك، كنا نطلب العلم لنصلح به العمل لا لمجرد العيش ثم صار العيش الهدف.

[٤ - الاهتمام بوصف الأعمال]

وأبرز الأمور ملاءمة للصغار قي هذه الرسالة بالإضافة إلى ما تقدم من سهولة اللغة والابتعاد عن التعاريف والتكرار تركيزه على كيفية الفعل، وبيان ما يجزئ من الأعمال عبادات وغيرها أكثر من اعتماده بيان المفروض من المسنون، وإن لم يهمله بالكلية، ولا يخفى أن أسلوب الوصف هو المناسب، لكونه أسلوبا عمليا، وإن فضل بعض أهل العلم معرفة الأحكام على الوصف، بل شكك بعضهم في صحة عبادة من لم يعرف حكم الأفعال والأقوال، والتمييز بين الواجبات وغيرها.

قال ابن أبي زيد : «باب صفة الوضوء والاستنجاء والاستجمار»، وقال: «باب صفة العمل في الصلوات المفروضات»، وقال: «باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه»، وقد اتبع هذا الأمر في أبواب أخرى، وإن لم يصرح بأن الباب معقود للوصف، كما في الحج والعمرة، ولذلك تجد الشراح يقدرون المحذوف من الكلام لهذا السبب، قال أبو الحسن في شرح باب صفة العمل في الصلوات: «وقد اشتملت الصفة التي ذكرها على

<<  <  ج: ص:  >  >>