هذا من نص الحديث المتقدم بالمعنى، فإن قوله عن كل نفس؛ يعم الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد، ولا يكفي ما دون الصاع كيفما كان المخرج منه، ويظهر أن مالكا من جملة ما رامه في موطئه (٦٣٠) تحت ترجمة مكيلة زكاة الفطر بروايته حديث أبي سعيد الخدري ﵁ وهو في الصحيحين أيضا - قال:«كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب وذلك بصاع النبي ﷺ»؛ أراد أن يرد قول من قال بكفاية نصف صاع من البر، وهو مذهب الحنفية، قال في النوادر:«وأنكر مالك ما روي في الحديث من نصف صاع، ولم يصح عنده»، انتهى، وقد رأى بعض الصحابة ذلك، منهم عمر بن الخطاب وهو في سنن أبي داود (١٦١٤)، ورواه البخاري مختصرا، ورأى ذلك أيضا معاوية ﵁، وهو في الصحيحين (خ/ ١٥٠٨)، وقد قيل إن ذلك كان اجتهادا منهم في مقدار قيمة القمح التي تقابل الصاع من التمر والشعير وغيرهما مما ورد في المرفوع لقلة الحنطة في أرض الحجاز، ولغلاء ثمنها يومئذ، أما حديث أبي سعيد فلا يستقيم الرد به على الحنفية ومن ذهب مذهبهم، لأنه لا يتعين أن يكون المراد من الطعام فيه البر كما أفاض في الحديث عن ذلك الحافظ في فتح الباري أثناء كلامه على ما تحت ترجمة البخاري (باب صاع من زبيب)، فإن ثبت نصف الصاع من البر مرفوعا ولا إخاله إلا كذلك فهو توقيت يلتزم.
قلت: وقد جاء ذلك من قوله ﷺ: «أدوا صاعا من بر أو قمح بين اثنين أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير عن كل حر وعبد وصغير وكبير»، رواه الدارقطني وأحمد عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير عن أبيه، وهو في الصحيحة برقم (١١٧٧).
وقال مالك: «والكفارات كلها، وزكاة الفطر، وزكاة العشور، كل ذلك بالمد الصغير