للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدنيا ينبغي أن يذكر بما في الآخرة من ذلك، وهكذا النعم تذكر بما في الجنة منها، فيشتاق الكيس إليها، ويعمل من أجلها، وشتان ما بينهما، والتأخير لشدة الحر قيل بعمومه لكل المصلين، وقيل إن ذلك خاص بمساجد الجماعات، أما الفرد في خاصة نفسه فالمبادرة إلى الصلاة أول وقتها أفضل له، وقيل هو كغيره.

ومن تراجم مالك في الموطإ (النهي عن الصلاة بالهاجرة)، وأورد تحتها عن عطاء بن يسار نحو حديث أبي ذر المتقدم في الأمر بالإبراد، وهو يدل على أن الإمام يرى أن الأمر بالشيء نهي عن ضده، والله أعلم.

وتأخير صلاة الظهر في المذهب على ضربين: ضرب لأجل شدة الحر، وقد تقدم، وضرب لغير ذلك، ومنه الرفق بالناس في مساجد الجماعات لكي يدركوا الصلاة، فتؤخر بمقدار ذراع على ما ورد فيما أمر به عمر بن الخطاب عماله، وهو في الموطإ (٥)، وقال في المدونة: «وأحب إلي أن يصلي الناس الظهر في الشتاء والصيف والفيء ذراع»، ومقدار الذراع المطلوب تأخير الظهر إليه هو المراد بربع القامة في قول خليل: «وتأخيرها لربع القامة، ويزاد لشدة الحر»، فإن ذراع الإنسان نحو ربع قامته، وفيه متمسك لما يفعل من ضبط الوقت بين الأذان والإقامة.

واعلم أن الناس قد اعتادوا في بعض جهات جنوب بلادنا تأخير الظهر إلى ما قبيل العصر، بحيث إذا فرغوا من صلاة الظهر؛ دخل وقت العصر بعد قليل، وهذا شبيه بالجمع الصوري الذي قال به جمهور أهل العلم في توجيه بعض الأحاديث الدالة على الجمع من غير عذر، وهو وإن كان مشروعا في الجملة كما سيأتي إن شاء الله، لكن ينبغي ترك المداومة عليه بتقديم صلاة الظهر عن آخر وقتها، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>